د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
بالرغم من أن الجميع يتفق على أن الإرهاب لا دين له ولا قومية ولا جغرافيا، لكنّ هناك عددّا من الأسئلة أود طرحها قبل الخوض في الموضوع، منها هناك تساؤلات حول كيف يهزمنا «داعش»؟، وهل حقًا هم يحاربون «داعش»؟، هل هو أداة تخويف سياسي للناخبين؟، أم هو نتاج عولمة تأجرت بالفرد المعزول، كيف قبل العالم أن تشكل الأفكار القاتلة عالمنا المعاصر؟، أليس هناك طريق أقصر دون المرور بالمسار الذي مرت به أمم قبلنا بعدما كانت الأمة الإسلامية تحمي كل من يلجأ إليها استجابة لأمر دينها {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ} التوبة 6 حتى يعودوا لديارهم ومأمنهم دون التعرض لهم؟، أم لتغذية الإسلاموفوبيا الغربية خوفًا من انتشار الإسلام؟، الأسئلة كثيرة جدًا.
ولكن كيف يستنسخوا حروب القرون الوسطى في أوروبا التي كان آخرها الحربان العالميتان في المنطقة؟، لم يكن أمامهم سوى نبش العمى التاريخي من أجل أن تصبح فتن الأمس حرائق اليوم، خصوصًا أن المنطقة تخلفت عن الدول المتقدمة الذي انطلق من بناء الذات وتحري العقل وأظهر قيمه المعاصرة، حتى أصبح سيد الحضارة الحالية، فيما تعاني المنطقة العربية والإسلامية من تراجع مفهوم الدولة الوطنية غير القادرة على مواجهة عبث الطائفية مقابل نمو تنظيمات وجماعات فئوية أو دينية تأخذ شكلاً مضادًا للدولة ووظائفها على عكس الدول المتقدمة التي حققت شكل الدولة الحديث يظهر في قدرتها على إعلاء قانونها ومؤسساتها على قوانين الجماعات والإثنيات بداخلها.
العروبيون كما الثورة الفارسية والإسلام السياسي اشتركوا في عدائهم للدولة الوطنية، وعداؤهم لهيبتها أشد، كما أن الثورات العربية عجزت عن تقديم مضمون اجتماعي للتنمية والثقافة، حتى صعدت الراديكالية الدينية والسياسية في أوساط الأمتين العربية والإسلامية بدوافع الخوف على الهوية وموجهة الغرب، لكنها تغذت من دماء وعقول الأمتين العربية والإسلامية نتيجة الهجمة الطائفية الإيرانية، كانت ضريبة تلك الهجمة أن ولدت الذئاب المنفردة على الإنترنت، وسيكون حتى بعد القضاء على «داعش» تطبيع مع الموت يتوارثه المأزومون نفسيًا وفكريًا، بعدما أقنعت إيران الدول المتقدمة بدعم مظلومية الأقلية وشيطنة الأغلبية، حتى أصبحت عقدة الغرب وخبث إيران وقد يكون خبث الطرفين.
ولكن السؤال الأهم هل نجح اليمينيون في ربط الإرهاب بالإسلام من أجل دعم نظرية الإسلاموفوبيا؟، بل قد يكون العكس خصوصًا أن هذا الدين يمتلك حيوية كامنة، فمراد هوفمان سفير ألمانيا في السعودية السابق يقول في أحد كتبه أسلمت نتيجة دراساتي للدين النقي، ولو اعتمدت على سلوك المسلمين لما كنت قد أسلمت، وهو الآن مفكر وينتقد سلوك المسلمين.
ويدرك أوباما أن الإرهاب ليس مرتبطًا بالدين الإسلامي خصوصًا أن الأناركيون نفذوا عشرات الهجمات ارتكبوا سلسلة من الاغتيالات الكبرى التي لا يمكن تخيل تنفيذ مثلها اليوم، كقتل الرئيس الأمريكي والرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء الإسباني، وملك إيطاليا وإمبراطور النمسا والمجر في أقل من عقد، حيث إن هذه الجماعة كانت تروج لرؤية تلقى رواجًا واسعًا في ذلك الوقت لمجتمع حر بلا دولة، وهي تؤمن بالإرهاب لتحقيق هذه الرؤية.
وفي عام 2014 وللمرة الأولى منذ 60 سنة، قتلت الأسلحة من الأمريكيين بقدر ما فعلت السيارات، لذلك قد يكون أوباما أكبر داعية للإسلام دون أن يقصد أن يكون داعية ولكنه يود الحفاظ على التماسك الاجتماعي الأمريكي خصوصًا أن المسلمين جزء من النسيج الاجتماعي الأمريكي، خصوصًا أن أوباما من جذور إسلامية وعاش في إندونيسيا، لذلك قال في أحد خطاباته الموجهة للمجتمع الأمريكي بدأ بأن الإسلام دين السلام يبدأ بالسلام عليكم، وأكَّد بأن المسلمين في الولايات المتحدة منهم المعلمون الذين نأتمنهم على أبنائنا، ومنهم الأطباء الذين يعالجون مرضانا، وكثير منهم حصلوا على جوائز عالمية، وبشكل خاص جوائز نوبل، وقال لا يمكن أن نتهمهم بالإرهاب من أجل فئة ضئيلة حرفت نصوص الدين.
في نفس الوقت يتساءل البعض لماذا يترك أوباما المنطقة تحت رحمة «داعش»؟، لكن أوباما هو رئيس للولايات المتحدة وليس للعالم الإسلامي، ولديه أولويات يحققها لصالح بلده، وحسب عقيدة أوباما فإنه يرى بأن دول العالم جميعها يجب أن تتحمل كافة التبعات وليست الولايات المتحدة مسؤولة عن استتباب الأمن الإقليمي والعالمي بمفردها كما كان زمن الرؤساء الأمريكيين السابقين، كما أنه ينتقد كثيرًا من سلوك المسلمين وتأخرهم قد يتفق مع الدكتور مراد هوفمان، وكأن أوباما يريد أن يحاكم سلوك المسلمين، من أجل تطبيق أوامر دينهم {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُم} الأنفال60 .
ولو تتبعنا أن من قام بمثل هذه الأعمال من صغار السن على الأغلب في العشرينات، ما يجعل البعض يتساءل كيف أصبحوا متوحشين إلى هذا الحد وفي هذه السن حتى أصبح القتل عندهم بلا حدود، نجد البعض يرجع السبب إلى المناهج والمساجد، لكن عدد المنضمين في «داعش» من تونس 17 ألف أكثر من المنضمين من السعودية البالغ عددهم 15 ألف بالرغم من أن التعليم في تونس علماني، وأن 17 في المائة من الدواعش أوروبيين أسلموا حديثًا، بل على العكس فإن مثل هؤلاء بحاجة إلى تعليم ديني يحصنهم من قبول مثل تلك الأفكار.
والجانب الأكثر أهمية كيف نجح قادة «داعش» في التحكم بتلك العقول واصطياد ضحاياها عن طريق الإنترنت والألعاب الإلكترونية، أين الأنظمة الأمنية في حفظ هذه الناشئة من اختراق «داعش»، حيث كان في السابق الألعاب الإلكترونية غير مرتبطة بالإنترنت، بينما اليوم يمكن لـ»داعش» الارتباط بمثل هؤلاء الأطفال قبل أن يصبحوا شبابًا أو الشباب الصغير في سن الـ14 سنة بتكوين ارتباط عاطفي معهم ثم البحث عن كيفية التحكم بهم، ومن ثم التوجه نحو غسل أدمغتهم، بل قد تجعل مثل هؤلاء الشباب يقومون بتلك الأعمال الإرهابية بكل فخر واعتداد، أو أنهم ينتظرون دخول الجنة.
خصوصًا بعد جريمة الحمراء في الرياض حيث الدم والعقوق يقتلان الحب والحليب بأيد تكفيرية غادرة لا أحد يتوقع وصولها لمن أمر الله بخفض جناح الذل لهما وبدم بارد قتل الشقيقان العريني أمهم، وكادا يقتلان بقية أفراد الأسرة وعلى رأسهم الأب، وسبق هذه الجريمة جرائم أخرى لأقارب، ما جعل البعض ينشر 17 مؤشرًا للتطرف عبر شبكات التواصل الاجتماعي التي تطلب من أولياء الأمور اليقظة، ولكن كانت هذه المؤشرات خليطًا بين الفكر المتشدد والفكر الداعشي، حيث إن التشدد الذي يؤمن به شريحة كبيرة من المجتمع السعودي هي ليست بالضرورة تؤمن بأفكار «داعش» بل هم يرفضون أفكار «داعش» وأساليب التوحش التي وصلوا إليها التي لا يقرها الدين الإسلامي.
يؤمن التشدد المبالغة في الأخذ بالأحوط بالرغم من أنه مبدأ إسلامي ولكن المبالغة هي غلو منهي عنه في الإسلام {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ} المائدة 77 وفي مسند الإمام أحمد (إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق) حسَّنه الألباني، مثل رفض أن تسوق المرأة السيارة وتحريم الاختلاط وحرمان المرأة كثيرًا من حقوقها، بينما نجد الإسلام عزز ورفع قدر المرأة وبشكل خاص عندما يقول الرسول الكريم «النساء شقائق الرجال»، بل أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم بأول مشورة امرأة في الإسلام عندما أشارت إليه زوجه أم سلمة بأن يذبح هديه ويحلق رأسه فسيتبعونه بقية الصحابة المتضجرين تجاه صلح الحديبية، كما قبل الرسول صلى الله عليه وسلم إجارة أم هاني في فتح مكة، وقتلت عمة الرسول صلى الله عليه وسلم صفية بنت عبد المطلب يهوديًا كان يتجسس على المسلمين في غزوة الأحزاب، بل قاتلت المرأة إلى جانب الرجال في غزوة أحد ومرضت الرجال، كما أن الإسلام رشد الغيرة فعندما نزل قول الله سبحانه وتعالى {وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ} النساء 15 فقال سعد بن عبادة إن وجدت مع امرأتي رجلاً أومهله حتى آتي بأربعة شهداء لضربه بالسيف غير مصفح، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير من منه والله أغير مني) رواه البخاري.
أن الغيرة لا تبيح للغيور ما حرم الله وأنه يلتزم مع غيرته الانقياد لحكم الله ورسوله وألا يتعدى حدوده، بل حول كثير منهم الأمر بالمعروف إلى سلطة، لأن القرآن صرح بأن حدود الدعاة المسلمين {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً} الفتح 8 ، {لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ} الغاشية 22 {إِنْ أَنتَ إِلَّا نَذِيرٌ } فاطر 23، أي أن التشدد أعاق التنمية الاجتماعية في السعودية، وتسبب في إقصاء نصف المجتمع، تسبب في خلق عدد من العوائق الاجتماعية.
بل قد تقف عائقًا أمام تحقيق رؤية السعودية 2030 والتحول الوطني الذي اتخذ بإرادة سياسية، ولكن الرؤية هي بحاجة أيضًا إلى إرادة اجتماعية، بسبب أن إشكالية المرأة أصبحت رهينة تصورين متطرفين، تصور مسلمين متشددين، ومقاربة غربية آحادية تحمل كراهية للإسلام، خصوصًا فيما يتعلق بلباس المرأة ما بين المطالبة بحجبها عن المجتمع وبين المطالبة بتحرير لباسها بعيدًا عن أي قيود التي تخالف مبادئ الدين التي فرض عليها ستر مفاتنها لا حجبها {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} الأحزاب 59 {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} النور31 وقول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين) رواه البخاري.
بينما الفكر الداعشي هو فكر خوارجي واستمرار لفكر التكفير الذي ضرب المنطقة العربية في مصر والجزائر وفي المنطقة بأكملها وقد ثبت في السنة أن عبدالله بن الخويصرة التميمي أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو منصرف من حنين في الجعرانة وفي ثوب بلال فضة يوزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقال يا محمد اعدل قال ويلك ومن يعدل إذا لم أكن أعدل لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل) (فقال عمر بن الخطاب دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق فقال له معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي أن هذا وأصحابه يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية) صحيح مسلم.
وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه سيخرج أقوام على شاكلة هذا الرجل وصفته، لذلك مثل هذه الفئة حينما تسيطر يتحقق فيها قول الله سبحانه وتعالى {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} محمد 22، وهذا لا يتنافي مع حق المسلمين {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ } الشورى 39 {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} محمد 35 لكن أمر الإسلام الاستجابة للسلم {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } الأنفال 61 .
هناك في المقابل خبراء غربيون ومحللون استراتيجيون يمينيون يدعون السياسات الغربية والإدارة الأمريكية على وجه الخصوص، إلى عدم الخوف الذي ينجر عنه نوع من السقوط في المداهنة للمجتمعات الإسلامية بسبب الحرص على تجنب التعميم، الذي هو لغة الحمقى والأفق الضيق، لكن هذا لا ينبغي أن يمنعهم من تسمية الأشياء بمسمياتها، فالعالم بصدد مواجهة مصيرية مع أعداء الحضارة والقيم الإنسانية، وهو أمر لا يمكن القفز عليه بعبارات عائمة وغير حاسمة على شاكلة المتشددين في العالم الإسلامي.
نتيجة الجهود السعودية عاد من تنظيم «داعش» 760 سعودي إلى السعودية بعدما اكتشفوا حقيقة «داعش» والإحصاءات متضاربة حول أعداد السعوديين بين صفوف «داعش» هناك إحصاءات تذكر 15 ألفًا، وأخرى تذكر بأن العدد الصحيح هو 3 آلاف سعودي، بل هناك وعي مجتمعي أسهموا في القبض على كثير من المطلوبين بتقديمهم 70 في المائة من المعلومات بعدما تعرضت السعودية لـ30 عملية إرهابية عام 2015.
لذلك تحاول «داعش» إدارة عملياتها من سوريا وتعكف على تعيين منسقين لها في السعودية لتولي إدارة العمليات الإرهابية، لكن تصطدم «داعش» بالوعي الاجتماعي الذين أسهموا في الإبلاغ عن 228 عملية تمويل إرهاب وغسيل أموال حتى شهر منتصف عام 2016، نتيجة لذلك بدأت السعودية تفرض إجراءات مشددة ضد أنواع التطرف.
تغذية التشيع السياسي والمسلح لعقود أوجدت في المقابل حركات سنية متطرفة ما كان لها أن تجد من تستقطبه لولا مليشيات إيران، وهي مليشياوية وليست شيعية أو شعبية، بل إن التنظيم المتطرف لم يعلن خلافته فجأة، بل اتبع استراتيجية سابقة، بل لقد التقط مبكرًا إمكانية توظيف سياسات التمييز الطائفي لحكم نوري المالكي في العراق، كما التقط ووظف عسكرة الثورة السورية وتجييشها طائفيًا شيعيًا من قبل نظام بشار الأسد والمليشيات التابعة لنظام الثورة الخمينية الإيراني التي ظهرت مبكرًا في ساحاتها وميادينها منذ مايو من عام 2011.
وكشف مسؤول عراقي موصلي كيف أن قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني هدد رئيس مجلس النواب العراقي السابق أسامة النجيفي بإسقاط الموصل أن لم يتعاون مع المالكي قبل أربعة أشهر من احتلال تنظيم «داعش» للموصل في عام 2014، وبين كيف أن المالكي وإيران قدما كثيرًا من التسهيلات للتنظيم كي ينجح في فرض سيطرته على المدينة بعد عملية هروب لقيادات القاعدة من سجن أبو غريب التي كانت بمساعدة مسؤول كبير في الدولة بحسب تصريحات وزير العدل العراقي آنذاك حسن الشمري الذي أكَّد بأن القيادات الهاربة هي التي قادت عملية السيطرة على الموصل بعد أوامر أتت بسحب الجيش العراقي المفاجئ من المدينة وتسليمها للتنظيم وترك كميات كبيرة من الأسلحة المتطورة والحديثة المتنوعة للتنظيم من ضمنها مروحيات ودبابات إبرامز ومدافع ثقيلة بلغت قيمتها بحسب تقديرات وزير الدفاع الحالي نحو 27 مليار دولار.
كما أكَّد قيادي كردي نائب الأمين العام لحزب الحرية الكردستاني الإيراني المعارض حسين يزدان بأن إيران تحتضن أكثر من 20 معسكرًا لتدريب الإرهابيين وتزود «داعش» بالمسلحين والسلاح، ليس هذا فحسب بل إن انسحاب علني لرتل كبير من سيارات «داعش» من الفلوجة باتجاه الصحراء يضم قرابة 500 عربة تحمل المئات ليل الأربعاء 29 - 6 - 2016 من مناطق جنوب الفلوجة مرورًا بعامرية الفلوجة، بقصد الوصول إلى منطقة صحراوية قريبة، ورفض طيران التحالف مهاجمة الأرتال الداعشية بحجة وجود عوائل فيها يلقي الضوء على الدخول الأمن للتنظيم قبل سنتين إلى المدن العراقية مما يثير الشكوك بوجود ترتيبات مع جهات عراقية نافذة تسمح له بإخلاء المدينة دون التعرض لأي هجمات، وهو ما يثبت بأن «داعش» لم يكن سوى ذريعة استطاع أمراء المليشيات الشيعية من خلالها أن يحققوا أهدافهم في إفراغ الفلوجة من سكانها، وفتح الأبواب له واضعة مصير المدن ذات الأغلبية السنية بين يدي وتحت رحمته، وقد يكون من أجل حفظ مليشيات الحشد الشعبي ماء وجهها حتى لا تقع منهم إعداد كبيرة في هذه المعركة.
وبعد أن اتسعت رقعة العمليات الإرهابية التي يقوم بها «داعش» خصوصًا عندما يسته دف الأهداف السهلة مثل المطارات والتجمعات السياحية من مذبحة أورلاندو في أمريكا وأوروبا كان آخرها استهداف مطار أتاتورك ومطعم الحي الدبلوماسي في عاصمة بنغلاديش، بل هناك مخاوف روسية من عودة الدواعش الروس في إعادة إشعال النار في شمال القوقاز.
وبعد أن أصبحت بلجيكا مركز تجنيد أوروبي رئيس للمتطرفين، فإن الأمين العام للناتو قال على المسلمين أن يكونوا على خط الجبهة لأن معظم الضحايا منهم، كما صرح المنسق الأوروبي لمكافحة الإرهاب تأكيده على هزيمة «داعش» في غضون عام، فهل حان وقت القضاء على «داعش»؟.