فهد بن جليد
من الحقائق التي لا يلتفت إليها كثير من الناس، أن من نُقابلهم في حياتنا اليوم يتحدثون أكثر نسبة إلى المُنصتين، وهذا سبب كافٍ -برأيي- لقلة الفهم، وكثرة الاختلاف والمشاكل بين الناس!
رغم أن الله سبحانه وتعالى خلق لنا (لساناً واحداً) للحديث، و(أذنين) للاستماع والإنصات، إلا أن (شغف الكلام) هو الصفة السائدة بيننا؟ قليلون من الجيل الجديد يتحلون (بالإنصات)؟ بل إن سكوت أحدهم عندما تتحدث إليه، يعني استعداده وتفكيره في كيفية الرد على حديثك (بكلام جديد) وليس الإصغاء بالضرورة؟ ربما لديناميكية الحياة دور في ذلك؟ مع التطور التقني (آحادي) الجانب، الذي أفرزته (أنانية) وسائل التواصل الاجتماعي، عندما جعلت امتلاك المعلومة سواء كانت -خاطئة أو صائبة- مُبرراً لكثرة الحديث والكلام والتنظير على (المُتابعين) دون تجربة تستحق العرض، مع عدم الاستماع لهم، والتفاعل معهم؟!
الناجحون الذين يملكون أهم وأكثر المعلومات قيمةً، هم الأقل حديثاً والأكثر عملاً، فالسماع الجيد يُولِّد الكلام الجيد، بينما كثرة الكلام تولّد الأخطاء والانتقادات، وربما تشكلت المواقف السلبية بينك وبين الآخرين (دون سبب تراه) نتيجة كثرة (الكلام الحاد) والفهم الخاطئ (لسياق حديثك)، فالناس غير مُلزمين بفهم نواياك، بل بمُحاسبة ألفاظك!
مُجتمعنا يفتقر (للأذن الصاغية) حتى نتحدث مع بعضنا عن مشاعرنا وأحزاننا وأحلامنا، تذكر أن (نصف مشاكلك) الأسرية والعائلية والعملية ستنتهي بمُجرد توقفك عن الحديث (نصف الوقت) الذي اعتد عليه، فعندما تُصغي للآخرين تكسب قلوبهم، على طريقة الأب الذي يقول أن ابنه (لا يسمع كلامه) بينما هو المُطالب (بالإنصات) لولده أولاً حتى يفهمه..!
عشاق الكلام هم الأقل قبولاً في المجتمع، عندما يريد كل فرد أن يتحدث ليخرج ما بداخله، والناس لم تعد تملك الصبر والوقت لسماع ما لدى غيرها، في ظل هذه المُعادلة تذكر أن من يكسب قلوب الآخرين هو من يملك (السحر الأبيض)؟ أي من يُنصت أكثر؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.