التفاؤل هو توقع الخير، كما أن التشاؤم هو توقع الشر، فهو شعور نفساني ناتج عن بناء علاقات بين الأشياء تكون نتائجها مبهجة، وقد تكون هذه العلاقات بين الأشياء صحيحة وبالتالي تكون النتائج كما توقعها صاحبها، وقد لا تكون صحيحة فلا تأتي النتائج كما توقع. فالتفاؤل هو الزاد النفسي الذي يدفع الإنسان إلى العمل وإلى مزيد من البذل والعطاء أملاً في حصول الثمرة التي يرجوها.
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التفاؤل ويقول: (لا عدوى ولا طيرة، وأحب الفأل الصالح) والفأل هو الكلمة الطيبة يستبشر بها، والتفاؤل لا يعني ترك الأسباب انتظاراً لما يأتي به الغيب من مسرات، ولكنه تفاؤل مقرون بالعمل والأخذ بأسباب السلامة، فقد كان صلى الله عليه وسلم يلبس لامته ودرعه، واختفى في الغار ثلاثاً.. ونهى عن التشاؤم والتطير وبخاصة إذا صد الناس عن أعمالهم ومصالحهم. كما نهى عن اليأس ومظاهره والقنوط وبوادره وهو داء عظيم إذا استشرى في جيل أفسده وأضلّه لأنه ليس من أخلاق المؤمنين كما قال تعالى: (ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون) وقال سبحانه: (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون).
وقد كان صلى الله عليه وسلم يتفاءل بالأسماء الحسنة ويرى ذلك في وجهه، فكان يعجبه إذا خرج لحاجته أن يسمع: يا راشد يا نجيح. ولما جاء سهيل في الحديبية قال: سهل لكم من أمركم. وكان يتفاءل بما يراه أو يسمعه مما هو من أسباب النصر وظهور الإسلام، وانكسار الشرك وأهله، كما تفاءل برؤية المساحي والفؤوس مع أهل خيبر، فتفاءل بالانتصار عليهم. كما كان يتفاءل بالرؤى الصالحة ويؤولها ويبشر بها ويقصها على أصحابه. وليس في الإعجاب بالفأل ومحبته شيء من الشرك، بل ذلك إبانة عن مقتضى الطبيعة، وموجب الفطرة الإنسانية التي تميل إلى ما يلائمها ويوافقها مما ينفعها.
- المشرف على كرسي المهندس عبد المحسن الدريس للسيرة النبوية بجامعة الملك سعود
adelalshddy@hotmail.com