احتدم النقاش والجدل حول حقيقة قانون (الجذب)، فهذا فريق عده حقيقة علمية لا مراء فيها، وهذا فريق آخر عده ضرباً من ضروب الوهم. وقبل أن أخوض غمار هذا الموضوع دعوني آتي بتعريف مبسط لهذا القانون الذي انتشر عند مدربي الهندسة البشرية. إن أبسط تعريف لقانون الجذب أو ما يسميه بعض الناس (السر) هو أن كل ما يحدث للإنسان في هذه الحياة فإنك أيها الإنسان أنت الذي قمت بجذبه إليك.. سواء كان ما تجذبه خيراً أو شراً.. فإن فكرت في الخير وركزت عليه جاءك الخير، وإن فكرت في الشر وركزت عليه جاءك الشر.. وحول هذا القانون الموغل في القدم والحديث عند البشرية اليوم يقول عنه مهندس الطب النفسي الإمريكي (وليام جيمس) إن اكتشاف قانون الجذب اليوم أهم من اكتشافات عديدة كاختراع الطائرة والصواريخ وغيرهما من منتجات حضارة اليوم.. إذاً ما يهمني في هذا المقال هل هو حقيقة أو وهم.. بالنسبة لي أني أراه حقيقة علمية لا يساورني فيها أدنى شك، ولن يكون قانون الجذب حقيقة علمية إلا بشرط واحد وهو أن يكون الإنسان أهلاً لهذا القانون وهو حسن الظن بالله أو العكس من ذلك، فمن أحسن الظن بالله جاءه الخير، ومن أساء الظن بالله جاءه الشر.. وفي نصوص شرعنا الحديث نصوص تدعم هذا القانون يقول الله تعالى في وحيه الطاهر: {إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ..} والمقصود بالفتح هنا النصر في معركة بدر، وهذا النص القرآني الكريم يبين بجلاء أن الذي يريد شيئاً في هذه الحياة فسيأتيه. وأود هنا أن أقدم بعض الشرح للنص القرآني السابق.. إن هذا النص يتوجه الله به لمشركي مكة حينما قالوا إن كنا على الحق فقد ينصرنا الله.. فأنزل الله تعالى هذه الآية متهكماً بهم، كأن الله تعالى يقول لو أنكم أهل لهذا الفتح فقد يجيء إليكم لا محالة.. وهذا هو شرط قانون الجذب بالنسبة للخير، وكذلك يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في جانب جذب الخير: «قال الله عز وجل أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء»، ويقصد الرسول صلى الله عليه وسلم هنا أن المؤمن إذا حسن ظنه بالله آتاه ما أراد. إذاً فما قانون الجذب الذي أشغل الناس إلا «الفأل الحسن» ولكن الذين ينفون صحة هذا القانون يقولون إنا نتمنى شيئاً ولا يأتي طبقاً لما يقوله القانون! فهذا شخص يتمنى الثروة وذاك يتمنى المسكن الجيد وهلم جراً، ويقولون نحاول جذب هذه الأمور ولا تأتي إلينا على الفور، كما يقول قانون الجذب..!! أيها الإنسن الذي تريد أن يأتي إليك ما تتمناه طبقاً لقانون الجذب أحسن الظن بربك وسيأتيك لا محالة، بشرط أن تكون محلاً له وهو أن تكون إنساناً مؤمناً تحسن الظن بربك. وإذا كان لقانون الجذب هذا الوجه فله وجه آخر وهو عكسه، وهو جذب الشر حينما تسيء الظن بالله. ولهذا الوجه دليل في وحي الله الطاهر وهو قوله تعالى: {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ..} إذاً الوجه الآخر لهذا القانون هو (الطيرة والتشاؤم). إن الذين ينكرون هذا القانون خاصة عند أبناء المسلمين هو لأنهم سمعوا الذين يتكلمون عن هذا القانون في الغرب يقولون: إن هذا القانون الكوني يلبي حاجاتك، وهم هنا يقصدون بالكون (الله تعالى)، فالغرب قد أخطؤوا في تعبيرهم، وإلا هم يقصدون الله تعالى.. خلاصة القول إن قانون الجذب الذي اختلف فيه الناس ما هو إلا حقيقة علمية، فالإنسان في هذه الحياة يعيش إما متفائلاً محسناً الظن بربه فيأتيه ما يريد من الخير، وإما أن يكون متشائماً ظاناً بالله ظن السوء فتدور عليه الدوائر.. وإن الذين رفضوا قانون الجذب من أبناء المسلمين لأن صياغته أتت إليهم صياغة لم يُكشف عن مقصدها الحقيقي عند أبناء الغرب، وإنما الذين نادوا بقانون الجذب فهم يقصدون به موقف الإنسان من ربه، إما محسن الظن به، أو مسيء الظن به.. ولا يتعدى مفهوم قانون الجذب هذا المقصود. والله ولي التوفيق.