رؤية:
يقول أبو العلا المعري:
ولما رأيت الجهل في الناس فاشيا
تجاهلت حتى ظن الناس أني جاهلا
يجهل بعض الناس عبارة «لا أعلم»، فيصبح عندما يُسأل وكأنه مفتي الديار العامرة، وكأنه عالم بكل كبيرة وصغيرة بل لو سألته عن جحر أفعى لقال لك أنا من حفرته؟!
تقدير العلم يأتي بحق معرفته وتقدير أن لكل مدى أجل ولكل معرفة سابق عُرف فلا يُعرف الشيء إلا بعد مداولة ونقاش وعلم كبير وبحر لا يبحر فيه إلا من عرف أصول التبحر والإبحار والبحث والاستدلال.
فكيف بالله عليكم أدعي ما ليس لكم فيه علم ومعرفة!
كثرت هذه الأيام بعض الأمور التي لا يقبلها عقل إنسان عاقل.
فمن يدرس شهرا أو شهرين في مبادئ علم معرفي، وهذا العلم يدرس في الجامعات عبر سنين لا تقل عن أربع سنوات، فيأتي من درسه عدة شهور لا تتعدى أصابع اليد الواحدة فيفتي فيه.
ويصنع حلمه من السراب ويجعل من خلفه أقواما جهلاء، وهو أجهلهم لو يعقلون!
تختلف مسميات العصور وبات في هذا الزمان قلة قليلة من لا يعرفون القراءة والكتابة ولله الحمد.
فأصبحت أمية الماضي مندثرة!
ولكن ظهرت أمية جديدة.. أمية الناس فيها يعرفون القراءة والكتابة ولكن تجاوزوا حد العلم او بالاصح بالغوا في تقدير العلم فأصبح من لديه علم قليل ولسان طليق وفلسفة لا معنى لها سوى الجري هنا وهناك دون الوصول لنقطة نقول فيها «حسن علمك»!!!
فهذا والله كالطاؤوس بهرجة وزهو، يقول أبو نواس:
قل لمن يدعي في العلم فلسفة
حفظت شيئا وغابت عنك أشياء