انقضت خمسة أعوام على رحيل أحد رواد الحركة الرياضية في المملكة العربية السعودية ومؤسس نادي الهلال الشيخ عبدالرحمن بن سعيد- رحمه الله- وكلما حلت هذه المناسبة نستذكر ما قدمه الراحل الكبير من أعمال جليلة للشباب والرياضة وما بذله من تضحيات وسط صعوبات البدايات عندما كانت الرياضة لا تحظى بالقبول لدى بعض أفراد المجتمع السعودي في ذلك الزمان ومع ذلك تحمّل شيخ الرياضيين جميع تلك التبعات وواصل المسير والعمل بجد و ثبات لإيمانه الراسخ بأهمية الرياضة بمختلف ألعابها بالنسبة للشباب فهي بعد توفيق الله الطريق الآمن والسياج الواقي من جميع المنزلقات الفكرية والسلوكية حتى تحولت الرياضة في عصرنا الحاضر من مجرد هواية إلى صناعة، ومما يُذكر للشيخ عبدالرحمن- رحمه الله- أنه لم يقف عند حدود ناديه الهلال بل شارك في تأسيس وإدارة بعض الأندية في المملكة ضاربا بذلك أروع أمثلة المسؤولية الوطنية تجاه الشباب تلك المسؤولية التي تسمو فوق كل انتماء لنادٍ أو منطقة أو محافظة بل إنه- رحمه الله- ذهب إلى أبعد من ذلك عندما قام باستئجار ثاني مقر لنادي النصر - المنافس التقليدي لناديه الهلال - وقام بفرشه ودفع إيجاره وفق شهادة لاعب النصر والشباب الأسبق فهد الوعيل في حديث صحفي عام 2012 لذلك فإن لقب (شيخ الرياضيين) الذي عُرف به الشيخ عبدالرحمن بن سعيد- رحمه الله- لم يأت من فراغ بل أتى من أفعاله الخالدة وحكمته وحسن إدارته وأصدقكم القول وأنا أقلّب صفحات مسيرته- رحمه الله- وأعماله وأنظر لواقعنا الرياضي الحالي بصورته العامة أردد: ما أحوجنا في هذه المرحلة من تاريخ كرة القدم في وطننا إلى نموذج رياضي وطني كعبدالرحمن بن سعيد أقول ذلك بعد أن وصل كثير من منتسبي كرة القدم في الأندية وكثير من الإعلاميين إلى مراحل مؤسفة لا تمت للمنافسة الشريفة بصلة لا من قريب ولا من بعيد غير أن أكثر هذه المراحل إيلاماً تلك التي تخص منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم الذي يفترض أثناء مشاركاته في البطولات المختلفة أن تتلاشى أمامه كل ألوان الأندية ويبقى بيرق اللون الأخضر الذي يحمل النور المسطّر هو المرفرف على سويداء قلوبنا فإذا ببعض الإعلاميين للأسف لا يتورعون عن افتعال المشاكل دون الشعور بأدنى مسؤولية تجاه منتخبنا الذي يمثل وطننا الغالي لكن الأمل بالله كبير ثم بجهود صاحب السمو الملكي رئيس الهيئة العامة للرياضة الأمير عبدالله بن مساعد بن عبدالعزيز لتداك هذا الموضوع والاجتماع بجميع الإعلاميين من مختلف الوسائل لكي يتحملوا مسؤولياتهم، لستُ أطالبهم بالكفّ عن النقد البنّاء وإنما يضعوا في أذهانهم بأن هذا المنتخب يمثل الوطن بأكمله وننتظر منه الكثير خصوصا مع اقتراب التصفيات النهائية المؤهلة لمونديال روسيا 2018 وأمم آسيا في الإمارات 2019 بالإضافة إلى دورة كأس الخليج.
أما عن دور الشيخ عبدالرحمن بن سعيد في نادي الهلال كمؤسس ورئيس وعضو شرف ومُحب فلا شك أن الأحرف تعجز عن انتقاء المفردات التي تليق به، فما فعله- رحمه الله- للهلال كان كبيرا فقد بذل المال والوقت والمشورة حتى وإن كان على حساب صحته كل ذلك لأجل أن يبقى زعيم زعماء آسيا عند مستوى تطلعات محبيه في موقع الصدارة - مكانه المعتاد دائما - لقد كان أبا مساعد- رحمه الله- يحمل نبض مدرج الهلال الكبير وروحه في كل خطوة يخطوها ولا يُخفي حبه الغامر لجمهور الهلال في كل مناسبة بل قد انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي صورة ضوئية لعبارة شهيرة كتبها- رحمه الله- كانت صغيرة الحروف والتراكيب لكنها كبيرة المعاني عظيمة المضامين عندما سطّر بخط يده عبارة (جمهور الهلال في قلبي) وعليها توقيعه- يرحمه الله- هذا الحب الكبير دفعه دوما ومن خلف الكواليس لرأب أي صدع في البيت الهلالي إن بدت سحابة الاختلافات تلوح في الأفق فسعى دوما لتقريب وجهات النظر وبذل جهده في سبيل التوافق وحل المشكلات وكان النجاح والتوفيق حليفه وكل هذا يتم داخل إطار البيت الأزرق ولا يتسرب للإعلام وهذا أحد أسرار زعامة الهلال دون أدنى شك.
لقد سرّني وسرّ كل هلالي مبادرة صاحب السمو الأمير نواف بن سعد رئيس نادي الهلال بتغيير مسمى مسابقة نادي الهلال السنوية لحفظ القرآن الكريم التي تقام في شهر رمضان المبارك ليصبح اسمها مسابقة الشيخ عبدالرحمن بن سعيد السنوية لحفظ القرآن الكريم بالإضافة إلى تكفل سموه بكامل مبلغ الجوائز أسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناته، هذه الخطوة غير مستغربة من الأمير نواف بن سعد فهو رجل الوفاء والشيء من معدنه لا يستغرب، ولعل هذا أقل ما يقدم لمؤسس النادي وأحيي في الوقت ذاته صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلطان بن عبدالعزيز عضو شرف الهلال على تكفله بإعادة بناء مسجد النادي وزيادة مساحته وقرار إدارة الهلال تسميته بـ (جامع الأمير عبدالله بن سعد)- رحمه الله-، فشكرا للأمير نواف رئيس الوفاء المُعرِض دائما عن الإعلام والمُقبل دائما على لغة الأفعال لا الأقوال، ورحم ابن سعيد وابن سعد ووالدينا وجميع موتى المسلمين وكل عام وأنتم بخير.
- محمد السالم