جاسر عبدالعزيز الجاسر
لم يبقَ على الدول الأوروبية التي تستهدفها العمليات الإجرامية الإرهابية لتنظيم داعش وجماعات الإرهاب الموجهة من قبل أنظمة معروفة إلا أن تضيف إلى قائمة فحص المشبوهين الذين يتوجهون إلى أوروبا وإلى الذين يقيمون فيها شرطي السلامة العقلية، والنظافة الفكرية من أي تلوث عقلي تأثر بأيدلوجية الإرهاب الموجهة عقائدياً، فأن يقدمَ إنسانٌ يعيشُ في نيس المدينة الفرنسية الساحلية الجميلة، ويعيلُ أسرةً من ثلاثة أطفال إضافة إلى زوجته على ارتكاب جريمة إرهابية لا يقدم عليها إلا من فقد عقله بعد أن أصابته شظايا التلوث الفكري.
كيف يقبل إنسانٌ مسؤول عن عائلة أن يقومَ بارتكاب جريمة إرهابية يعرف مسبقاً بأنها ستتسبب بقتل أعداد كبيرة من البشر لم يرتكبوا أي جرم بحقه، ولم يعرفهم مسبقاً، ولا علم لهم به سوى أنه إنسان يعيش بينهم، يشاركهم العمل والحياة والتمتع بهذه المدينة التي توجه أهلها للاحتفال باليوم الوطني لبلادهم فرنسا في ذكرى ثورة 14 تموز / يوليو، يوم هدم الباستيل الذي يرمز إلى الاضطهاد والقهر.
هؤلاء المواطنون الفرنسيون ومعهم من شاركهم فرحة الاحتفال من أوروبيين وعرب لم يقصدوا مكان الاحتفال الذي اقتحمه هذا الإرهابي المجنون عقائدياً وفكرياً وسلوكياً، بالشاحنة القاتلة ليتسبب في مقتل 84 إنساناً مرشحين للزيادة، إذ يوجد قرابة الخمسين شخصاً آخرين بين الحياة والموت.
هؤلاء الذين قصدوا مكان الاحتفال لممارسة البهجة والفرح والتعبير عن مشاركتهم الوجدانية والوطنية لمناسبة عزيزة كانوا هدفاً لعقل مريض تحول صاحبُه إلى أداة قاتلة تغتال الفرح، وتغتال صورة الإنسان الذي ترك بلده من أجل أن يعيش، فأُلصِقَت به أفعال المجانين العقائديين وملوثي العقول من حملة الأفكار الضالة، إلى شخص مشبوه، فمثل هذه الجرائم الإرهابية لا تضر الأوروبيين، وتنقل الخوف لهم وتغتال الفرحة بل تغتال ثقة كل بلد يتوجه إليه العرب والمسلمون الذين ينتمي إليهم وللأسف معظم من نفذ الأعمال الإرهابية.
أصبح كلُّ عربي وكلُّ مسلم، بل كلُّ ملتحٍ أو أسمرٍ مشبوهاً ومتهماً يُنظر إليه بارتياب بسبب أفعال ملوثي العقول وحملة الأفكار الضالة، وهو ما سيدفع الدول المستقبلة لطالبي الهجرة إلى الدول القادرة ومنها الأوروبية التي أصبحت هدفاً للأعمال الإرهابية أن تضع أجهزة لفحص مثل هؤلاء الأشخاص المصابين بجنون الأفكار الضالة إلى جانب آلات فحص الأجهزة المتفجرة.