د. خيرية السقاف
كيف عيَّد الناس أنفسَهم, والذين يعرفون..؟!
أهي الأعياد تتكرر في ملاحة حضورها, بنشوة تلقائية تعودها الفرد للحالة والتوقيت, قد خط مسارها المجتمع في جملة عاداته..؟
أم أن العيد هو فكرة إيمانية محض اعتقاد بجائزة إلهية لمن صام لله إيماناً, واحتساباً فيأتيه العيد بجائزة قبول يرتجيها بحسه المشع, أو مخبوئه السري المجهول..؟!
ومن ثم تحضر هذه الفكرة بكامل جزيئاتها، ومؤشراتها صباح أول يوم بعد انقضاء رمضان, بل مذ ليلته التي تسبق, ليس في مجتمعنا فقط بل حيث هوية المرء مسلماً..؟
ثم إن كانت هذه الفكرة محض عقيدة يتمتع بمثول يومها الفرد بعد صيام فهل يحققها لهاث النساء, والرجال الفارط لاقتناء الملابس, وحياكتها, وتحديثها, وشراء العطور, والهدايا, والأحذية, بل مؤونة التجميل, والتبخير, إضافة إلى تغيير الأثاث المنزلي, ومسح البيوت بالأصباغ البهيجة, بل الاستراحات, والفنادق, والمطاعم, وتذاكر السفر قبل حلول هذا اليوم مع الاعتقاد في النوال لهذه الجائزة, أم هو الركض التلقائي الذي يتماشى مع الانجراف مع العادة, والانخراط في المألوف بما يؤكد أن الناس تفكر في الذي لا تفكر فيه, وأمر الجائزة معلق في اللاوعي..؟
الدليل أن ليس كل الناس يقضون أيام َولياليَ رمضان كما تنص فكرة الجائزة ليكونوا مؤهلين لها, فهناك الأغلب ممن يُعد شاشة التلفاز وهو بعد لم يتم فطوره, ويستغرق في المشاهدة وجهاز تغيير القنوات لا يسقط من يده, حتى يختم ليلته بالسحور مع مسلسل ما, وأغنية ما, وجدل شغل الناس بفراغاته, وهو لم يكد يجن من صيامه إلا جوع بطن, وعطش جوف..؟!
كيف هو عيد الناس إن لم يتفكروا في فحص العادات بما يتوافق مع معطيات الوقت, والحاجة, والبعد عن المعين..؟!
كيف هو العيد إن لم يتفكر الناس في تمحيص التعود الذي أسفر عن الوهن في العقيدة, والضعف في الحجة, والتحلل من الشروط..
بل في الغفلة عن سبر أعماق الشرط ولوازمه سواء في الصوم وجائزته, أو في أي أمر يمارسه الناس لمجرد أن الناس نشأوا فوجدوا أنفسهم مستغرقين في فكرة العيد وبهجته, وهم في الحقيقة ليسوا كذلك, لأن عيدهم مجرد إطار لصورة باهتة عن حقيقته..!!