«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
لم ينقطع الإنسان من فجر التاريخ عن الرغبة في الاسترخاء بعد عمل شاق أو تعب وأن يتمدد بعد ذلك على فراشه أو سريره حسب ظروفه وإمكاناته، يتساوى في ذلك الكبير والصغير، الغني والفقير، الإمبراطور، أو حتى الخادم.
من هنا تجد البعض يحرص ان يضع بجوار سريره بعض الاشياء التي يرى أنه من الضروري وجودها بجواره على (الكومودينه) او الطاولة الصغيرة المجاورة لسريره.. ولو سمح لك بزيارة القصور والبيوت ودخلت إلى غرف النوم.. فسوف تدهش مما تشاهد. بالطبع لن يتاح لك ذلك فنحن مجتمع محافظ جداً. لكن ثلاثة من الأحبة من المعارف أقنعتهم ان يرسلوا لي صوراً عما يوجد بجوار أسرة أبنائهم وبناتهم. متعهداً لهم بأن لا أشير للاسماء.. والحق لم يقصروا ووصلتني الصور فكانت هذه الاطلالة لهذا اليوم.. «ماذا يضع البعض بجوار أسرتهم» والجميل انني لاحظت وأنا اشاهد الصور تكرار وجود كتاب الله العظيم (القرآن الكريم) بجوار الأسرة . إضافة الى حرص البعض على وجود بعض الكتب والروايات.. وهناك من يضع نظارته وأدويته التي يجب عليه تناولها قبل أن ينام. أو بعد استيقاظه.. واحدى الصور التي وصلتني لاحظت أنها لغرفة نوم فتاة، حيث يلاحظ الطابع الطفولي والرومانسي، فهناك أكثر من لعبة وبعض التذكارات والصور والزهور.. وخلال كتابتي لهذه السطور رحت أبحث في المواقع العالمية فوجدت أن مئات الآلاف من الناس رجال ونساء .. لهم تقريبا نفس الاهتمامات الموجودة في بلادنا .. ونسبة كبيرة الاشياء التي حرصوا على وجودها بجوارهم الكتب والصحف . وهذا يؤكد ان علاقة الناس بالصحف والكتب وبشكل عام القراءة المباشرة منها دليل على أن هناك من يعشق القراءة المباشرة من الصحف والكتب، بعيداً عن الانترنت او تطبيقات الهواتف الذكية.
كذلك لاحظت أن بعض النساء حريصات على وجود الكريمات المنظفة للبشرة.
وكريمات ومراهم العناية بها جنباً إلى جنب مع العطور.. لاشك أن هذا المكان الحميم والقريب من السرير وما يشتمل عليه من أشياء حرص الكثير من الناس في بلادنا وغير بلادنا على تواجدها بجوارهم دليل اهتمام على أهمية العلاقة ما بين الإنسان وأشيائه المفضلة.. وهذا يذكرني بما كان يفعله قدماء المصريين والآشوريين عندما كانت تدفن مقتنياتهم واشياؤهم معهم. وهكذا نجد ان علاقتنا مع الاشياء التي نحبها تستمر معنا حتى الى جوار أسرتنا، فكم حمل بعضنا أو اكثرنا هذه الايام هاتفه الذكي ولم يضعه الى جواره فحسب وإنما حتى داخل سريره وتحت غطائه ليتابع رسائله الواتسابية او تغريداته وتغريدات الآخرين التويترية التي باتت تهطل علينا كزخات المطر . وتكاد تغرقنا بمطرها المشبع بالأخبار والأحداث المختلفة.