عماد المديفر
فرنسا.. حليفتنا المتناغمة.. ذات المواقف السياسية والعسكرية القوية والشجاعة والمشرفة مع الشعوب العربية والإسلامية وقضاياهم العادلة.. فرنسا ذات التاريخ العريق، والحضارة المؤثرة في الانسانية جمعاء.. فرنسا القيم.. فرنسا الحريات والمساواة وحقوق الإنسان.. فرنسا التنوع الثقافي والديني والعرقي.. فرنسا الأدب والعلوم والفنون.. فرنسا الحفلات المسرحية والموسيقية والسينمائية.. فرنسا التسامح.. فرنسا الحب.. فرنسا الجمال.. أم البحوث والدراسات النوعية المعمقة.. فرنسا ذات العلاقات العلمية والفلسفية والتراثية والحضارية الأكبر والأوسع مع العرب المسلمين على امتداد التاريخ.. في أوروبا والغرب عموماً.. فرنسا التي تشكل في واقعها وتاريخها وتراثها وحضارتها وعمقها وقيمها وانفتاحها على العرب والمسلمين.. تشكل بالفعل خطراً حقيقياً على التطرف والإرهاب والكراهية.. تصر «داعش» الإرهابية على استهدافها المرة تلو الأخرى.. فرنسا بالتحديد.. فلماذا فرنسا؟!
إننا إذا ما نظرنا لسلسلة العمليات الإرهابية التي يرتكبها تنظيم «داعش» خارج حدود تواجده في العراق وسوريا وليبيا، وبلغة الأرقام.. لوجدنا النصيب الأكبر من هذه الجرائم موجهاً ضد المملكة العربية السعودية ثم لحليفتنا فرنسا.. على الترتيب.. ومن المعلوم مواقف فرنسا والسعودية الواضحة والقوية وتعاونهما الوثيق عملياً وتحديداً في مجال مكافحة الإرهاب، أمنياً وعسكرياً ومعلوماتياً وفكرياً وثقافياً، واتساق مواقفهما ونظرتهما تجاه العديد من ملفات منطقة الشرق الأوسط.. ابتداء بموقفهما المتطابق تجاه الأوضاع المأساوية في سوريا والعراق واليمن وليبيا، مروراً بالموقف المشترك من قضية المشروع النووي الإيراني، ونشاطات طهران الداعمة للإرهاب في المنطقة والعالم.. وليس انتهاء بدورهما الرئيس في التحالف الدولي العسكري ضد داعش بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وموقف فرنسا الداعم والمساند للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب بقيادة المملكة العربية السعودية.. ولما يمثله هذان البلدان العريقان من عمق، ونشر لقيم الوسطية والاعتدال في العالمين الإسلامي والغربي.
وهو ما يعطي دلالة واضحة على أن هذا التنظيم الإرهابي إنما ينتقي أهدافه ضمن إستراتيجية استخباراتية محددة، وليس اعتباطاً، وأن استهدافه لهذين البلدين يأتي تحديداً لما يشكلانه من خطر حقيقي عليه وعلى أيديولوجيته وعلى الأهداف التي أراد له صانعوه أن يحققها.. وفي مقدمتها تشويه صورة الإسلام والمسلمين، ونشر الخوف من الإسلام، وبث روح الكراهية لهذا الدين ولمعتنقيه في الداخل الأوربي عموماً، وانطلاقاً من فرنسا ذات التأثير الأكبر.. كونها البلد الأوربي الأكثر تسامحاً وانفتاحاً على الإسلام، وتعاطفاً مع قضايا العرب والمسلمين.
إن ما يستهدفه هذا التنظيم هو نزع أي تعاطف أوروبي أو عالمي تجاه قضايا المنطقة، وتحييد المسلمين والعرب ليصبحوا بلا حلفاء.. ونشر العنصرية والتعصب الديني والعرقي والطائفي.. تمهيداً لنبذ العرب والمسلمين ووسمهم جميعاً بالإرهاب.. لخلق فتنة وحرب تدمر أي معنى للوسطية والاعتدال.
إن تصدر حليفتنا فرنسا جنباً إلى جنب مع المملكة في الحرب ضد الإرهاب الإسلاموي عموماً وليس فقط ضد داعش في سوريا والعراق، أو ضد حزب الله والقاعدة.. وإنما أيضاً ضد تنظيمات الإسلام السياسي والحركات الإسلاموية المتطرفة بما تحمله من أفكار وعلى رأسها أفكار «الولي الفقيه» وتنظيم الإخوان المسلمين اللذين يروجان للحروب الدينية و(للفسطاطين) والخلافة و(دولة الأمة) ونشر الكراهية والتطرف العنيف، وسعي فرنسا جنباً إلى جنب مع المملكة لتبني ونشر قيم التسامح وحوار الحضارات وتكاملها، واندماجها وتعايشها، بما يشكله ذلك من ضربة حقيقية في قلب الآيديلوجيا التي تروجها التنظيمات الإرهابية التي تتحدث عن مواجهة العالم في حرب ضد الإسلام والمسلمين.. إن من شأن ذلك كله أن يجعل فرنسا وبما تمثله من قيم أوربية وحضارية عريقة، والمملكة بما تمثله من قيم وحضارة وتراث وثقافة إسلامية وعربية عريقة ووسطية ومتسامحة.. يجعل منهما معاً العدوين اللدودين لتنظيم داعش ومن يقف خلفه.
وإننا كسعوديين نعلن تضامننا التام مع الجمهورية الفرنسية الصديقة والحليفة.. ووقوفنا معاً في وجه التخلف والتطرف والكراهية والإرهاب. وأن مصابها هو مصابنا ومصاب المسلمين المعتدلين جميعاً.
.. إلى اللقاء.