ناصر الصِرامي
في ظل الحروب العالمية على الإرهاب، وفي ظل هذه الأحداث الكبرى التي تهز العالم، آخره الحدث المؤسف جدا في الجنوب الفرنسي، أحد البقع الأجمل في العالم..وفيما الإرهاب يضرب مدننا وشوارعنا من أكثر من عقدين من الزمن!
نتداول عربيا حكاية غريبة بعض الشيء، لكنها قديمة أيضا في أسلوبها، حيث لم يتوقف يوما التحذير عن الوسائل والأدوات والتطبيقات الحديثة في صيغها الواقعية والافتراضية، وخطورتها على فتح آفاق جديدة للإنسان..!
لا حاجة لسرد قصة المنع والمقاومة المستمرة من المذياع والتلفزيون، وألعاب الفيديو والأتاري والبث الفضائي والهاتف المحمول بكاميرا وحجب المواقع الالكترونية.. إلى التطبيقات والبرامج بتنوعها، وهي مسلسل متواصل على كل حال.
لكن الأكثر غرابة وسذاجة في ظني هو الاتهام الغريب للألعاب الالكترونية بأنها من بين أسباب الإرهاب والتجنيد له.
اتهام يتعلق بين السخرية والسذاجة في الوقت نفسه، لدرجة تشعر معها أن هناك من جلس بمفرده ووضع طقوسا خاصة، وفكر ثم فكر في عدو وهمي لكل هذا الإرهاب الواقعي المجنون حولنا.. وليصرف النظر عن المتهم الرئيسي،ثم قرر في لحظة تجلي غبية أن الألعاب الالكترونية هي أحد أسباب الإرهاب وتجنيد المراهقين.. !
ليكتشف لنا أن كل ألعاب العالم الالكترونية والفيديوية،موجهة لنا لتحول أطفالنا ومراهقينا لدواعش..!
الغريب أنه وحتى التقارير الإعلامية العربية تحديدا،والعامة والتي تحاول إثبات العلاقة بين الإرهاب والألعاب تناقض نفسها.
يقال مثلا (أن عناصر تنظيم داعش يلجؤون إلى الألعاب الإلكترونية المرتبطة عبر الانترنت، للتواصل فيما بينهم، باعتبارها أكثر تعقيدا وأقل تعقبا من مواقع التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني، إضافة إلى تحول هذه الألعاب إلى «مكان مفضل لداعش لتجنيد الشبان والتلاعب بعقولهم «ودفعهم إلى تنفيذ أعمال عنف في مجتمعاتهم).
التقرير (الخطير!) يقول إن تقارير استخباراتية ترشح أن عناصر التنظيم يلجؤون إليها هربا من التعقب، حيث ينضم الأعضاء إلى معركة افتراضية ويجرون محادثات مطولة ويضعون سيناريوهات لما قد يكون هجوما يجري التخطيط له، مستفيدين من كون الأجهزة الخادمة لتلك الألعاب موزعة في جميع أنحاء العالم، ويصعب مراقبتها على عكس مواقع التواصل الاجتماعي، ومستفيدين أيضا من كون هذه الألعاب أصلا قائمة على التفجير والقتل.
وهذا كلام عام و»ممكن» يتعلق باستخدامها قنوات اتصال بين التنظيمات الإرهابية بشكل يحد من إمكانية الوصول لهم ومراقبتهم.
لكن الإشارة إلى وجود عناصر متفرغين من داعش يحاولون على مدار الساعة التواصل مع اللاعبين لمحاولة تجنيدهم خاصة الأطفال والمراهقين الأكثر تأثرا، «لاسيما، وأن هذا النوع من الألعاب وضع أصلا لمن يريدون فعل أشياء لا تمكنهم الحياة الحقيقية من الوصول إليها». فهذا كلام إنشائي لايمكن أخذه جديا واتهام الألعاب بالإرهاب!
في أكثر الحالات التي نريد إلصاق التهمة فيها بالألعاب يمكن أن نضع لها نفس تأثير أفلام الرعب والأكشن!
بل إن الألعاب هي عبارة عن مشاركة تفاعلية ومراحل ونفس طويل، وقد تستهلك طاقة اللاعب قبل أن تحوله لإرهابي،أو يصل له داعشي!
هذا الفعل القبيح -الإرهاب- يحتاج إلى خلطة أيدلوجية تعالج إحباطه وسخطه وجهله وتجمل له الأحلام الموعودة، قبل أن يصبح قنبلة بشرية.
وخلف ذلك عمليات معقدة من التجنيد والتمويل والتخطيط والاتصالات والموارد المعنوية والمادية في العالم الواقعي اليومي المعاش، وليس على الشاشات الصغيرة.. وعلى لعبة الكترونية.. ولن يفجر شخص نفسه بسبب لعبة يا حبيبي..!