فهد الحوشاني
عند الدخول إلى أحد مستشفيات العاصمة فإنك للوهلة الأولى ستحسب نفسك بسبب الزحام الشديد قد دخلت إلى مجمع تجاري أعلن عن تخفيضات حقيقية، وليس في مستشفى يقدم خدمات علاجية! بشر لا تتسع لهم الممرات وإلا مقاعد الانتظار! (طوابير) من البشر تتنظر أمام مكاتب الأطباء والمواعيد ونوافذ الصيدليات وأزمات ليس لها حل في مواقف السيارات! ولو كان الأمر فقط مقتصراً على المستشفيات الحكومية التي تقدم الرعاية الصحية مجاناً، كان بالإمكان فهم السبب لهذا الزحام، لكن الأمر طال حتى المستشفيات الخاصة بالرغم من أن أسعار العلاج والأدوية فيها تحتاج إلى تقييم وإشراف مباشر من قبل من وزارة الصحة! فالملفت للنظر أنه بالرغم من ارتفاع تكاليف العلاج إلا أن المشهد هونفسه تقريباً في المستشفيات الخاصة لدرجة أن بعضها يستعين بمنظمين خارج المبنى لتسهيل حركة المرور حولها! بل وتمددت تلك المستشفيات في طول المباني وعرضها وزادت عدد مبانيها تجاوباً مع تزايد إعداد المرضى المراجعين!
المواعيد البعيدة المدى التي يعطيها الأطباء لمرضاهم ومواعيد الأشعة وغيرها والتي تتجاوز أشهر عدة هي مؤشر أيضاً على تزايد أعداد المرضى. هذا الموضوع شغلني كثيراً فناقشته مع عدد من الأصدقاء الذين سبق لها العلاج في مستشفيات أوروبا وأمريكا، فكان الإجماع على أن المشهد لدينا يبعث على القلق!
وأتسائل كيف أن زيادة أعداد المرضى، وهذا الزحام المضطرد لم يلفت انتباه الباحثين في المجال الصحي، ولم تجر دراسات حول هذا الموضوع ولم ينبرِ أي شخص ليعطينا أسباب انتشار الأمراض، خاصة المستعصية منها والوبائية التي تلتهم المليارات من ميزانية الدولة ومدخرات المواطنين، وتمنع المرضى من أن يسهموا في البناء والعطاء حيث يرهقهم المرض! هل السبب يعود إلى لحوم وأطعمة ملوثة أو منتهية الصلاحية أو خضار قد شربت مياه الصرف الصحي أو تعرضت لمبيدات وقطفت في وقت التحريم أو معلبات فاسدة أو منتجات تعرضت للإشعاعات أو حلاقين ينقلون الأمراض من خلال أمواسهم وأيديهم وما زالوا يمارسون مهنتهم دون خوف من رقيب!؟ لا أحد يمكن له أن يعطينا الجواب الشافي، وفي المقابل لا يمكن الجزم بأن تلك هي أمراض الرفاهية، فالرفاهية التي نعيشها لا يمكن لها أن تسبب كل هذه الزيادة في الأمراض والمرضى بهذا الشكل المذهل مما يوضح أننا نعيش ظاهرة مقلقة ليس من المفترض تجاهلها من قبل وزارة الصحة والجهات المعنية!