د.علي القرني
تبدأ الانتخابات الأمريكية من هذا الأسبوع مرحلة جديدة ومنعطفات نوعية تنعكس حتماً على النتائج النهائية التي ستعلن في نوفمبر القادم، ويأتي ذلك نتيجة انعقاد المؤتمرات الحزبية، حيث اليوم الخميس ينتهي الحزب الجمهوري من مؤتمره العام الذي انعقد في كليفلاند اوهايو، وسيليه في الاثنين القادم (25 يوليو) انعقاد المؤتمر العام للحزب الديموقراطي ويستمر أربعة أيام. وبات من المؤكد أن التنافس للوصول للبيت الأبيض سيكون بين دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري وهيلاري كلنتون مرشحة الحزب الديموقراطي، فمن منهما سيتسلم السلطة في أكبر دولة في العالم من خليفته الحالي باراك اوباما؟
وإذا عدنا إلى التاريخ سنجد أن كلا الحزبين الجمهوري والديموقراطي كانا قد تشكلا في حزب واحد هو الحزب الديموقراطي الجمهوري، وكان ذلك في العقود الأولى من القرن التاسع عشر إلى أن انفصلت أجنحة الحزب على خلفيات عنصرية نتيجة الاختلاف على تحرير الرقيق واستعباد السود في المجتمع الأمريكي. وبعد انفصالهما كان اندرو جاكسون هو أول رئيس ديموقراطي يفرزه الحزب الديموقراطي وحكم أمريكا خلال سنوات 1829-1837م.
ويعد إبراهام لنكولن هو أول رئيس يأتي نتاجاً للحزب الجمهوري حيث حكم أمريكا عام 1861م، ولكنه اغتيل في فترة رئاسته عام 1865م وهو يحضر مناسبة في أحد مسارح واشنطن من إحدى الشرفات المطلة على المسرح.
وسيكون التنافس الحقيقي بين الفيل رمز الحزب الجمهوري وبين الحمار رمز الحزب الديموقراطي، ويمثلان (الفيل والحمار) شعارين للحزبين منذ أواسط القرن التاسع عشر الميلادي. وكان الرئيس اندرو جاكسون قد اختار الحمار شعاراً له تعبيراً عن كونه يمثل الشعب الأمريكي ثم فيما بعد تبنى الحزب الديموقراطي هذا الشعار، بينما ظهر الفيل في الحملة الانتخابية للرئيس ابراهام لنكولن ثم تم فيما بعد تبنيه شعاراً للحزب الجمهوري.
21
وإذا عدنا إلى الحاضر فإن الصراع الحالي هو بين مرشح جمهوري عنصري وبين مرشحة ديموقراطية يراها البعض ضعيفة. ومن تابع المتحدثين في المؤتمر الجمهوري سيلاحظ أن هناك ترتيبا واتفاقا على أن يحمل ترامب ومؤيدوه شعار القوة والأمن، وأن ترامب قادر على حكم الولايات المتحدة. واستغل ترامب ومستشاروه أحداثا متفرقة على خلفية الإرهاب داخل وخارج أمريكا ورفعوا شعار أهمية توفير الأمان للأمريكيين، وكذلك توفير الأمن الاقتصادي بمنع الهجرة وبناء الجدران.
وفي المقابل تركز حملة كلنتون على نقاط جدلية في حملة ترامب، حيث تشير دائما إلى أن ترامب يسعى إلى تقسيم أمريكا من خلال نزعته العنصرية تجاه المكسيكيين والسود والمسلمين.
وإذا حللنا الحملات السياسية للمرشحين نجد أن حملة كلنتون تفتقد للأفكار الكبيرة بينما تتوافر لترامب فكرة كبرى كتلك التي ينادي بها في حماية الامريكيين، ولهذا تبدو فرص ترامب رغم عنصريتها هي التي قد تستهوي الناخب الأمريكي، فحملته مبنية على عنصر الخوف والتخويف، بينما حملة كلنتون تركز على أهمية عدم التقسيم للمجتمع الأمريكي، وهذا ما قد يجعل الداعمين لها هم الأقليات في المجتمع الأمريكي، رغم أن استطلاعات الرأي العام حتى الآن في صالحها نسبياً.
والسؤال المركزي في هذه الحملة الرئاسية هو: من سينتصر على الآخر: الخوف من عدو ربما يكون وهمياً، كما يصنعه دونالد ترامب، أم الخوف من المرشح الجمهوري، كما تريد أن تصنعه هيلاري كلنتون؟ والإجابة ستكون يوم الثلاثاء 8 نوفمبر القادم؛ أي بعد حوالي ثلاثة أشهر من الآن.