يقولون «إن البقاء للأقوى» ويقولون أيضا «إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب» فأعلنت وكالة يقولون حسب نظريتها الافتراضية وتجاربها الإنسانية أن هذا الأقوى وذاك الذئب هما أعظم الأبطال ومضرب الأمثال في الحياة, وأكاد أجزم أنهما على محط شفا جرف قريب للفشل بعد التجربة الأولى, غير أن الحقيقة لا تحجب في تلك الأقاويل التي لا يعرف لها شاهد, والمشكلة الكبرى في تلقينا لتلك الأقوال حيث أننا نستشهد بها ونوظفها في أحاديثنا على أنها دقيقة وتعبر عن خبرة الإنسانية جمعاء, فهل تظن أن هناك من سيبقى فعلا بمجرد أنه كان أقوى؟ وإن كان كذلك فإلى أين هذا البقاء؟ وهل ستظن أن شخصا ما سيهاجمك بأنياب ذئاب ضاربة في لحظة مباغتة ليغرسها في جسدك ويأكل منه؟
نسّلم أن للناس جميعا حقوقا وواجبات ,ولكن لسوء الحظ أن بعضا ممن يملكون هذه الخصائص لا ينظر إليهم على أنهم شخصيات لطيفة وذلك لافتقادهم الأسلوب الحسن, فالأشخاص المسّلمون بأفكار كهذه يوقعون أنفسهم في بؤس دائم جوارهم التشاؤم وسمائهم مظلمة لأنهم يؤمنون بمبدأ ((قانون الغابة)) فالذئاب لا تفترس إلا أمثالها!! فكم يثير الشفقة منظرهم وهم يلهثون وراء مفاهيم ومبادئ خاطئة ظانين أنها هي طريق النجاح وأنهم أهل للسعادة فمرجعية البؤس في هذا العالم هو المبدأ فإن لم تفهم المبدأ فلن تسعد.
إن مشكلة غالبيتنا أننا نعقد مسألة الدفاع واتخاذ الحقوق رغم أن الرسالة النبوية السامية تنادي بحسن الأقوال وجمال الأفعال» عامل الناس كما تحب أن يعاملوك» «والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده».
فلا تعش - قارئي الكريم - على ديدن أمثال المحبطين فما هي إلا ألحان معزوفة مواساة لحالهم حين يتعذر نجاحهم, ولا تعش حياتك باحث على مبررات للمتاعب والأخطاء والإخفاق بأمثال ملتوية ومشوهة , فلا عجب لهؤلاء لأن الأواصر بينهم وبين الإيجابية مقطوعة فلا مجال لتحقيق أي طموح أو إنجاز, فالعظماء حازوا على مراتب النجاح بالمثابرة والصبر وكان كل منهم قوي الإيمان بربه ثم بما وهبه من قدرات فنجحوا جمعيهم في إخضاع رغباتهم لهدف حياتهم الأسمى, فكلنا نشهد ببراءة الذئب من دم يوسف عندما قسا عليه إخوته وسقوه كأس الذل والهوان وفي البئر المعطلة رموه وبثمن بخس باعوه ليقاسي الظلمة والوحشة ثم بعدها تأتي مقولته العظيمة التي تسمو على كل الأحقاد لتزين صفحة الكون بنورها البهي (قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ) لينال شرف التكريم (وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا)..
لقد خلق الله تعالى العقل ليكون الأداة الجليلة للتفكير غير أن البعض يسيء استخدامه بأسلوبه الفظ الوحشي, أما إذا كنت عازما للخوض مع تجارب «وكالة يقولون» فلا أظن أنك ستنجح حتى لو بلغت التجربة السابعة؟؟
- هناء أحمد العضيدان
algat99@hotmail.com