د. خيرية السقاف
هو الإنسان,
يعاف القلة, ويأبى النقصان,..
كلما عجز عن اقتناءٍ لهث ليستزيد..!!
وكلما استزاد بالغ في السعي للمزيد..
إلا فاتر الهمة, قاصر الطموح..
لكن ليس كل ما يرغب المرء في الاستزادة منه نافعا, ولا ذا نهايات جميلة,
فهناك من رغباته ما يهلك, أو يفسد, أو يأتي له بخيبة, وربما مزيداً من خيبات..!
ومع أن أنفع ما يكون في الاستزادة ما هو في علم, وتعلُّمٍ.., أو في خير, وإيثار..
فإن أفسدها ما يكون غرفا من مستنقع, أو إدلاء فيه..
والمستنقعات تختلف بمكنونها..!
هو الإنسان,
السبيل لغاياته ليست واحدة, وتفكيره فيها لا ينقطع..
يكرس جلَّ وقته في اقتناص ما يُمكِّنَه من رغباته, ويضيف,..
لا يتوانى عن ركوب أي موجة إليها, والسير في أي طريق ليستزيد منها..!
إلا العاقل الذي يمحص اتجاهات الموجة, ويتأكد من سلامتها هذه الاتجاهات في الطريق..!
هو الإنسان,
إن عقل أمرَ طموحاته, وتفكر في عنوة جرفها له نحو نهاياتها, جعل في استزادته ما يحقق له ترميم المتهالك منها, وتصحيح المتفاوت, وتعزيز الواهن, وتنوير المنطفئ, وتقويم المعوج, وتطهير الفاسد, لتكون مكاسبه نافعة, ومن ثم معطياته بانية..!!
هو الإنسان,
إن تفكر فيمن حوله, وتأمل في الروابط, والعلاقات التي نشأت عليها طبيعة الخَلق الرباني في البشر, وقنن دوره فيها, ومسؤوليته عن سلامها, وصفائها, لجعل أول منطلقات تفكيره في الاستزادة العادلة التي لا طغيان فيها لطموحه ورغباته على ما للآخرين, وهو في معمعة الركض المتفرد لذاته, يتخيل أنه الوحيد الذي جعلت له مقدرات الحياة دون سواه.
ولا يميز رجاحة عقل المرء, وحسن شيمه, ورقي أخلاقه إلا حين يُنظر في اتجاه طموحاته من الاستزادة, ومضامينها, والسبل التي يتخذها..!
فطموحاته, ورغباته هذا الإنسان هي المحك الدقيق لتحديد الموقع الذي يُنزِلُ نفسَه فيه,
فيوضع من ثم في ميزان التقييم له من قِبَلِ الناس.!!