رقية سليمان الهويريني
أحدث قرار وزارة العدل في تكليف عدد من السيدات المؤهلات في العمل بوظيفة (كاتبة عدل) ردود فعل متباينة، وكالعادة طاشت سهام الآراء من بعض المشايخ ومن في حكمهم حول إمكانية تولي المرأة لهذه الوظيفة الإدارية! ففي حين تنازل قلة منهم عن تشدده فرأى أنه لا يوجد أي مانع شرعي من تولي المرأة (منصب) كتابة العدل، تحت مبرر أن وجود المرأة مع مثيلتها أحرى لتحقيق العدل وضبط القضايا.
بالرغم من أن توصيف الوظيفة لا يتعدى مجال كتابة الوكالات والعقود وتوثيقها. بينما رفض آخرون شغل المرأة لهذه الوظيفة، وبرروا ذلك بأن كتّاب العدل هم من معاوني القضاة ويأخذون أحكامهم منهم، لذا فهي تقتصر على الرجال فقط ولا مكان للنساء فيها، برغم توفر الكثير من المتخرجات من كليات الشريعة والقانون المؤهلات لهذه المهمة، وفي الإمكان الاستعانة بهن واستفادة المجتمع من خدماتهن، كما أظهرت الحوادث حصول تجاوزات سلبية كثيرة بسبب عدم وجود سيدات في هذه الوظيفة، في ظل رفض القاضي أو كاتب العدل السماح للمرأة بكشف وجهها أمامهما! فضلاً عن تحرج السيدة من ذكر بعض ملابسات أنواع من القضايا لحساسيتها، وعلى الأخص في مجال عقود الزواج أو الطلاق!
ويعد تعيين كاتبة عدل من الضرورات التي تسهم في تحقيق أمن الحقوق وحفظها ومنع التزوير وانتحال الشخصيات والوقوف في وجه المحتالين، ويأتي عملها مكملاً للمحاميات اللاتي سمح لهن بالعمل مؤخرًا بحيث تتكامل كافة الخدمات التي تحتاجها المرأة إذا اضطرتها الظروف للمطالبة بحقوقها الشخصية، فهي تواجه صعوبات شديدة عندما تتعلق الدعوى بالزوج أو الأخ، وانخراطها في مهنتي كتابة العدل والمحاماة سيزيل هذه الصعوبات.
ويحسن بوزارة العدل تذليل العقبات وتمكين المرأة جديًا من العمل في تلك الوظائف الإدارية وتوفير الإجراءات التنظيمية لها، لا سيما أنها أبدت نجاحًا في خوض غمار التعليم والإدارة وتوليها للرقابة والتفتيش والمتابعة.
ولعل هذه الخطوة تسهل خوض المرأة الكفء لوظيفة القضاء مستقبلاً، طالما توفر لديها العلم والمهارة اللازمة لهذه الوظيفة التي ظلت ردحًا من الزمن حصرًا على الرجال بدعوى عدم كفاءة المرأة وقصور أهليتها!