«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
انفرد الذهب ومنذ القدم بخصائص مميزة وذلك لاحتفاظه بقيمته المادية والمعنوية حيث لم يستطع أي معدن آخر اكتشف قبله أوبعده أنينال من المكانة الرفيعة التي وصل اليها في مختلف المجتمعات في العالم ومن هنا بات هذا المعدن الاصفر الثمين له الحظوة والقبول لدي مختلف فئات المجتمع هنا أو هناك.. بل أن اسم الذهب ولقيمته بات يطلق على كل شيء ثمين.. فهذا انسان كلامه من ذهب وذاك يده من ذهب.. بل حتى النفط بات يسمى الذهب الأسود.. والأحساء.. هذه الأرض الطيبة عرفت الذهب من آلاف السنين وبالتالي أهتم سكانها بصناعته وتجارته وكان وما زال إلى اليوم سوق الذهب (الصاغة) في قيصرية الهفوف والمبرز هما من أقدم الأسواق التجارية في الأحساء (هجر) في الماضي حيث انتظمت فيهما محلات متجاورة ومتخصصة بصناعة وتجارة الذهب.. بل إن أسرا كريمة توارثت صناعة الذهب جيلا بعد جيل حتى يومنا الحاضر اللهم في السنوات الاخيرة بدأت أسر أخرى تقوم بالتجارة فيه من خلال محلات تجارية وعصرية تواكب العصر والتطور والتنمية التي شملت مختلف المجالات في حياة الأحساء.. وكانت محلات الصاغة الموجودة في الأسواق القديمة تتوفر فيها ورش بسيطة لتصنيع الذهب فباستطاعتك أن تشاهد الصاغ المتمرس والذي ورث معرفة وعملية التصنيع من خلال تدربه وممارسته للعمل بجانب والده أو جده في دكانهم في هذه القيصرية أو تلك.. وكانت هذه الورش الصغيرة تقوم بصناعة وإنتاج العديد من المنتجات الذهبية التي تجد لها إقبالا كبيرا لدي مجتمع الأحساء والخليج فهناك الحلي الخاصة بالنساء وهي الأكثر طلبا نظرا لاهتمام النساء والفتيات بعملية التجميل والزينة ولكون الذهب يشكل جزء هام من هذه العمليه.. حيث أبدع الصاغة في الأحساء بإنتاج حلى ما زالت إلى اليوم مطلوبة بل تطورت صناعتها مع المحافظة على أصالتها وعلى أشكالها وأنواعها التقليدية المعروفة منذ القدم.. فهناك الخواتم بمختلف أشكالها والسلاسل والحجول والأحزمة والكفوف الذهبية والأساور والمعاضد والهامة التي ترتديها العروس على رأسها والرشرش والتلول والمرتهش مئات الأنواع التي يتضاعف عددها وانتاجها عاما بعد عام.
والمعروف أن صاغة الأحساء استطاعواأن ينقلوا صناعتهم إلى دول الخليج والعراق والشام من خلال المصاهرة أو فتح محلات وورش في هذه الدول. مما ضاعف من انتشار صناعة الذهب حيث تقوم هذه المحلات بتصنيع الذهب حسب طلبات أصحاب المتاجر أو للزبائن الذين لا يفضلون الجاهز إنما يرغبون بشيء يتميزون به وهذا ما يحصل عادة في مناسبات الأعراس حيث تشهد ورش الصاغة حركة نشطة هذا كان في الماضي أما اليوم فتضاعفت المحلات التي تتاجر في الذهب مما ساعد في تواجدها في مختلف الأسواق والمجمعات التجارية الكبرى بل باتت أسواق الأحساء تشهد بين فترة وأخرى فتح فروع لمحلات متخصصة في بيع الذهب والمجوهرات قادمة من مناطق أخرى. ويستورد صاغة وتجار الذهب في الأحساء احتياجاتهم من الدول الخليجية المجاورة ومع هذا بات صاغة وتجار الأحساء يعانون في السنوات الاخيرة من وجود محلات ذهب خلفها تستر واضح إضافة إلى معاناتهم من ارتفاع وانخفاض أسعار للذهب في اليوم الواحد وكذلك التذبذب في الأسعار الذي وصل خلال الفترة الماضية ما بين ومن هنا يحاول تجار الذهب في الأحساء وغير الأحساء حيث يحاولون تغطية مبيعات محلاتهم بشكل يومي تفاديًا للتغيّر المستقبلي في السعر فإذا باع التاجر بقيمة 150 ألف ريال فإنه يقوم مباشرة بشراء ذهب خام لأن هذه التجارة تعتمد على البيع والتغطية في آن واحد موضحًا أن سوق الذهب والمجوهرات في المملكة تعتبر أفضل بكثير من سوق منطقة الخليج العربي التي تمتلك حملاتٍ وعروضًا تسويقية نسبية لا تصل إلى مستوى السوق السعودي.وعادة تعود أهالي الأحساء خصوصا النساء شراء الذهب الخالي من الفصوص والأحجار لأنهم يعتبرونه خزينة قبل أن يكون زينة بعكس ما يتصوره البعض كلما كان طقم الذهب مزدان بالفصوص والأحجار كان أجمل وأحسن شكلا ومنظرا. خاصة لم يريد أن يستفيد من قيمته مستقبلا فكلما كان الطقم او القطعة صافية كلما كان مميزة في حالة بيعها.
هذا وتشهد متاجر ومحلات وصاغة الذهب في الأحساء خلال هذه الأيام موسمها المتميز حيث تشهد إقبالاً كبيراً من قبل العرسان والعرائس بسبب حفلات الزواج والأفراح توقعت دراسة اقتصادية أن يؤدي ارتفاع مستوى المعيشة وحجم النشاط الاقتصادي في مدينة الرياض إلى زيادة الطلب على شراء الذهب خلال الفترة القادمة وقالت إن عدد المنشآت العاملة في القطاع بالرياض وفق إحصاءات وزارة التجارة والصناعة وصل إلى نحو 415 منشأة وأن عدد التراخيص الصادرة لمحلات ورش الذهب بالمملكة بلغ 846 ترخيصاً منها 180 ترخيصاً بالرياض تمثل ما نسبته 21% من جملة التراخيص الممنوحة.
وأشارت دراسة سابقة إلى النمو في صناعة وبيع الذهب والمجوهرات في المملكة يواجه عدداً من المصاعب تتمثل في الرسوم الجمركية على واردات المملكة من المشغولات الذهبية والتي تصل إلى 5% إضافة إلى عدم وجود كوادر وخبرات محلية حيث تواجه مصانع الذهب قلة في عدد القوي العاملة الأجنبية المتخصصة حيث أوصت في هذ الجانب بالنظر في تخفيض نسبة السعودة في المعارض والمحلات من 100 إلى 50%.وبينت الدراسة التي أعدتها غرفة الرياض ممثلة في بنك المعلومات الاقتصادية أن الاتجاه العام لأعداد تراخيص منشآت الذهب في الرياض تذبذب بين الارتفاع والانخفاض إلا أنه سجل ارتفاعا خلال الأعوام الأخيرة معتبرة أن هذا يعد مؤشرا على النمو المتسارع في القطاع الذي سجلت مبيعات منشآته من الذهب الأصفر حوالي 79% والألماس 62% والفضة 46%والأحجار الكريمة والمجوهرات 24% واظهرت نتائج الدراسة التي شملت 302 منشأة أن 90% منها عبارة عن مؤسسات فردية وأن عدد القوي العاملة في القطاع يصل إلى 3243 عاملاً منهم 1406 سعوديين بنسبة 43% من إجمالي القوي العاملة موضحة أن نقص الخبرة والتدريب وعدم الالتزام بالدوام وارتفاع الراتب وانخفاض المؤهل العلمي تعد عوامل مؤثرة على عدم تعيين السعوديين في القطاع كما اعتبرت أن عدم توفر العمالة الوطنية المدربة والتستر والغش التجاري وصعوبة الحصول على المتخصصين وكثرة الإجراءات الحكومية وصعوبة الاستقدام من المشاكل الأساسية التي تواجه منشآت القطاع.