كوثر الأربش
لا أخطر من عدو ينمو في الهدوء، في الظل، ويكمن كالقنبلة التي تنتظر فقط الوقت المناسب.
لا أخطر من عدو يتموه في بزة عسكرية كمسلّح متحف باردو في تونس، أو ربطة عنق وسترة مثل إرهابي أورلاندو. إنني لا أتحدث عن جدلية من صنع الخيال، بل هو كابوس يتوعد الأمن الدولي في العالم.
«الذئاب المنفردة» هذا التكتيك الإجرامي الحديث نوعاً ما، مثّل أكبر تحدٍ لأجهزة الأمن في العالم. بعد أن وضعت كل احتياطاتها للسيطرة والتحكم في إحباط العمليات الإرهابية المنفذة من قبل التنظيمات المعروفة.
بدأ هؤلاء بالعمل الفردي والمباغت.
الفرق بين إدارة الأزمات «Crisis Management» وإدارة المخاطر «Risk Management» أنك في مواجهة عدو من ضباب، بلا مواصفات، لا سوابق، ولم يندرج اسمه ضمن أي منظمة إرهابية. عدو قد يظهر في أي لحظة، من اللامتوقع، وعصيّ على الترقب.
الدوافع غير واضحة للآن، المرجعية الاجتماعية والخلفية الثقافية، بل حتى الجنسيات تختلف. الأمريكي نضال حسن الذي أطلق النار في قاعدة «فور هود» العسكرية 2009، والإيراني مان هارون مونيس محتجز رهائن مقهى سيدني 2014، كانا مضطربين نفسيًا.
أما إرهابيا نيس وموينخ فكانت دوافعهما إيديولوجية، تماماً كما فعل مايكل زحاف بيبو الذي نفذ هجوماً مسلحًا داخل البرلمان في أوتاوا الكندية.
هجمات بروكسل، هجمات باريس الدامية في نوفمبر 2015، شارلي إيبدو. وآخرها تفجير ميونخ.
إننا في مرحلة خطرة من مراحل مواجهة الإرهاب. الإرهاب الذي أخذ بتغيير تقنياته بما يجنبه الرصد والإحباط.
للأسف يحقق أهدافه أكثر مما حققتها المنظمات.
إنه يبطل مناعات الدول كالإيدز تماماً.
نصبح عاجزين أمام خطر قد يداهمنا على حين غرة.
في شوال الحالي التقى وزير الدفاع وولي ولي العهد محمد بن سلمان في واشنطن، وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر، ونظيره الفرنسي جان إيف لورديان لتعزيز الدفاعات الدولية والتحالف ضد داعش. كلنا آمال وطموحات.
إن الدول التي تمتلك سياسة متطورة لإدارة الأزمات تكون قد حققت تمكنها لأعوام طويلة قادمة.
مواجهة الذئاب المنفردة سيكون ملفاً ساخناً، يستحق أن يولي الأمن العالمي له لهتمامه. لأنه بحاجة للإبداع، لطَرْق فضاءات بكر، لابتكار حلول عاجلة وسريعة، لئلا ينمو هؤلاء المجرمون في الزوايا الهادئة، لئلا يسيل الدم أكثر.