سلطان المهوس
سنتعب كثيراً وسنعاني أكثر إن كانت صناعة متانة المؤسسة الرياضية ونزاهتها ستعتمد على إلهام وهمة قائدها فقط دون أن تكون الأنظمة والصلاحيات والشفافية هي الترمومتر الحقيقي لنبض المنظومة الرياضية التي أثبتت حضوراً تاريخياً بقضية التلاعب بالمباراة الأخيرة بدوري الدرجة الأولى بين ناديي المجزّل والجيل.
شخصياً لا أحب التشكيك بإجراءات عدالة القضية وقراراتها لكون القرار صدر من ثلاثين صفحة لم يطلع الإعلام والشارع الرياضي سوى على صفحة واحدة اختصرت كل القرارات دون حيثيات لكني أثق أن العدالة تامة فهناك استئناف وربما محكمة دولية رياضية.
ما يهمني هو أن هناك رغبة حقيقية بإقفال ملف العفن الفاسد بدوري الدرجة الأولى خصوصاً والذي وقع ضحية إهمال تاريخية منذ سنوات طويلة ورائحة عفنه تزكم الأنوف لكن لم يتجرأ أحد على الاقتراب من الأمر تحت بند «خلوهم لا يصدعون بروسنا»..!!
خرج لاعب وحارس مرمى ورئيس ناد سابق يتحدثون ويعلنون وجود الفساد المروي والتلاعب بالنتائج ولم يسمع لهم أحد والعام الماضي تشكلت لجنة داخلية للتحقيق بقضية رشوة وتسجيلات فجرها لاعب ضد رئيس ناد وحتى اللحظة لا أحد يعرف ملف القضية؟!
قبلها تقدّم ناد بطلب التحقيق مع عضو شرف أحد الأندية ولاعب واتهامهم بمحاولة رشوة حارس مرمى الفريق ولم نسمع للقضية نهاية!!
لأنه عمل فردي وقائم على مزاجية المسؤول وليس على الأنظمة واللجان المستقلة فالفساد يعشعش بالكرة السعودية وقصصه تتصدر الديوانيات والمجالس وبالطبع فإن لقب (الفذ) يقرن ببطل أي قصة فساد!!
لا أحد يعرف سبباً وجيهاً لغياب إنشاء لجنة الأخلاق والقيم المستقلة والتي تحاسب رئيس اتحاد الكرة والأعضاء وكل من في الأندية وتتلقى الشكاوى وتحقق باستقلالية تامة بكل الأمور؟
في رأيي أنه الخوف والرعب واهتزاز الثقة مع غياب الكوادر المؤهلة قانونياً، حيث اكتشفنا أن نموذج لجنة الانضباط كاف جداً للتأكيد أن القانونيين الرياضيين لدينا لا يتكيفون مع الرياضة ولا يفرّقون بين صك الطلاق والضرب بدون كرة!!
اليوم تدخل الأمير الشجاع عبدالله بن مساعد لكن ماذا عن الغد؟
هل سيتدخل؟
لو ترك هيئة الرياضة هل سننتظر نمط العمل لبديله؟!
لم اختار صاحب المصلحة من قضية التلاعب اللجوء لهيئة الرياضة فقط؟
هناك ضابط نزاهة اتحاد كرة القدم لكنه دون دور ودون صلاحيات مهمته «الحضور كديكور» حتى يُقال إن لدينا عمل مؤسسي!
الإبر المهدئة وحبات البنادول لن تصنع رياضة نزيهة خالية من الفساد الفاضح وهو الملف الأكثر سخونة فيما لو كان لدينا صحافة استقصائية محترفة لكنه التعصب الذي أنسانا حتى النظر إلى الوجه القبيح للتلاعب مع رفع الراية للشرفاء.
كتاب «كيف تشتري مباراة في كرة القدم» يكشف فيه الصحفي «ديكلان هيل» عبر 220 صفحة العديد من الفضائح العالمية ومعه تكشف تقارير صحافية أخرى أن العالم يموج بالفساد الكروي لكن العبرة أولاً وأخيراً في «الدليل» وإلا فكل الاتهامات جاهزة للتعليب..!!
نحن مجتمع رياضي لم يعتد على صلابة الأنظمة لأن الرياضة لدينا إحدى وسائل الترفيه وليست مرتكز ربح اقتصادي واليوم يجب أن نقف وبقوة مع من يريد أن يخرجنا من عزلة الفوضى الرقابية لآفاق الصرامة والنظام على الكبير قبل الصغير ولنعمل بجد للمطالبة بهيئات إصلاحية حقيقية مستقلة تضمن أن عهد «حطّوا الملف بالدرج» ولى إلى غير رجعة وكفانا فضائح!
قبل الطبع
الذي يولد زاحفاً.. لا يستطيع أن يطير..!