د. خيرية السقاف
كما حدث أن قتل رجل «أمريكي» زوجته «السيرلانكية» وخبأ جثتها على هيئة جلوس داخل أنبوب في بئر اكتشاف للغاز في صحراء مدينة الخرج،
فإن هذا العمل هو عمل إجرامي إرهابي ضمن مواصفات الإرهاب المرهب..
فالأمريكي قتل امرأة هي زوجته ومن ثم صمت،
وسار في الناس سيرًا حسنًا لم تمنعه هويته الوطنية عن فعلته..!!
وقصص أخرى لا تحصى على مدار ما تزخرف به أنباء العالم حيث الإنسان من البشر ذي النزعات ومختلف السلوك.
وإذن فإن الشاهد أيضًا هو أن « الأمريكي» الذي هو مواطن دولة عظمى في قوى العالم، أيضًا إنسان يفعل به شيطانه ما يفعله بأي آخر من جنسه البشري، وليس شرطًا من «جنسيته» الوطنية، فالإنسان منذ قابيل وهابيل قبل الهويات السياسية الوطنية والعرقية والدينية خاضع لغريزة الخير والشر فيه، لا يمكِّنه من شيطانه إلا الاستقامة على ضبط الرغبات، وكبح الذات، وقس على ذلك كل جريمة تحدث في شارع وبيت ومكان في العالم البشري كله.. إذ لم يحدث أن جُيِّرت الجرائم بدين أصحابها، لا في دولهم ولا خارجها وإلا لقيل إن المسيحية، واليهودية دين إرهاب، بناء على ما تحدث به ولا حرج عن الإرهاب المبطن الذي يستهدف الشعوب، ومقدراتها، وسلامها وأمنها، بمثل ما يستهدف الأفراد، وعن عصابات السطو الدولية، وغسل الأموال، والأدمغة، وعصابات المتاجرة بالأعضاء البشرية، والسرقات المغلفة بورق توت العمولات المالية، والصفقات التجارية، والقيام على أنقاض العفة، والنزاهة في كل مجتمعات العالم تلك التي تستخدم السلاح، والحيل، والخطط، بما فيها الاغتيالات، وتصفية الأجساد.. وما الأفلام، وقصصها التي ينتجونها إلا نقلاً لواقعها، وإلماحًا لأوكارها، وصورًا لحقائق هذا الإرهاب الدولي.
الخلاصة، أن ما تتعرض له المرأة العربية تحديدًا في مجتمعات خارج حدودها من محاولة انتهاك حرية معتقدها، ومحاصرتها بقوانين تعسفية تمنعها من حجابها، أو تخضعها للتعنت والاضطهاد بحجة مواجهة الإرهاب، ومكافحته، وما يواجهه كذلك الأفراد من كراهية، وتعسف، واعتداء عليهم بأي أشكال الاعتداء ولو اللفظي قلُّوا أو كثروا، فيه تعد سافر على حريات الناس التي يدعيها أولئك الذين فيهم المجرم والمسالم، والسيء والطيب، والصادق والكاذب، والقذر والنظيف، والواعي والجاهل، وغني النفس وجشِعُها، والمتجاوز الحق، والعادل فيه، ومحتَرِم القانون، والمسرف في تحاوزه، مثل أي مجتمع بشري فيه كل هذه النماذج المتناقضة بما فيها المجتمعات العربية، والمسلمة..
فما الذي يبقى ضمن مسؤولية المسؤولين المسلمين، والعرب، كي يضعوا لرعاياهم المهابة في أي مكان فلا يجرؤ عليهم أحد لمجرد عرقهم، أو دينهم، أو هويتهم، فيستنوا لهم القرار الحازم الذي يعزز هويتهم، ويحجِّم من يستهتر بهم، ويجلِّي عن حقهم في شأنهم الخاص فردًا فردًا، امرأة ورجلاً خارج أوطانهم..؟!