فوزية الجار الله
استوقفتني فكرة جميلة لا أذكر بأنني قد قرأت أو سمعت عن مثلها قبلاً، الفكرة غير المسبوقة وردت ضمن كتاب د.عبدالله المغلوث ( 7:46م ) يقول فيها بأن أمه قد دأبت على معايدته حين كان طفلاً صغيراً بدفتر يحمل كلمات جميلة تفوه بها على مسامعها أو كتبها، وأنه كان ينتظر عيد الفطر في كل عام ليستكشف ما أعجب أمه عبر الدفتر الذي تتصدره خمس نجوم دلالة على عمره عندما بدأت بمكافأته، وقد كانت تكتب كل جملة وبجانبها تاريخها ومناسبتها.
وقد أصبح هذا الدفتر حصاداً لعام مضى وإلهاماً لعام سيأتي صار شاهداً على ذكرياته، هذه المكافأة السنوية جعلته أكثر حرصاً على انتقاء عباراته ومفرداته أمام أمه لكي يحصل في نهاية العام على دفتر أغنى وأشهى من سابقه، ويقول أيضاً بأن هذه السياسة التي اتبعتها أمه جعلته أكثر حرصاً على التفوه أمامها وغيرها بعبارات مصطفاة، منتقاة، حيث كانت محرضاً له على التفكير في كلماته أكثر من مرة قبل أن يطلقها أو يشيعها.. يقول د. عبدالله (أزعم بأن هذا الدفتر هو أحد أهم أسباب تعلقي بالكتابة، كبرت ومازالت أمي تعايدني بهذا الدفتر حتى هذا اليوم.. فرحتي بهذا الدفتر لم تذوِ أو تتراجع، بل زادت وارتفعت) هنيئاً لك يا دكتور عبدالله بمثل هذه الأم التي سبقت عصرها، هي ولاشك مثل يحتذى وليت جميع الأمهات يجتهدن في اتباع أفضل الوسائل مع أبنائهن وبناتهن ليصنعن لنا جيلاً رائعاً فاعلاً يساهم في بناء ذاته وفي بناء هذا الوطن.
أدهشتني هذه الطريقة في التربية التي اتبعتها الأم، حيث تحقق من خلالها عدة أهداف في وقت واحد بشكل مباشر أو غير مباشر، من أهمها: تعزيز ثقة الطفل بنفسه، تطوير وتنمية العلاقة بينه وبين أمه، تعويده على الإحساس بقيمة الكلمات وأهميتها منذ الطفولة، تنمية جانب التذوق الفني والأدبي لديه منذ وقت مبكر. وأولاً وأخيراً تعميق الشعور بالقيمة المعنوية للأشياء بدلاً من التركيز على الأمور المادية. قبل نهاية المقال يصافحنا د.عبدالله بعبارة جميلة يقول فيها: (هناك أشياء نحتفظ بها وأشياء نحتفل بها. بيد أن أجملها على الإطلاق هو مانحتفظ ونحتفل به معاً، أشياء لا تذبل ولا تصدأ تزداد تألقاً وتوهجاً مع مرور الأيام).
** صيف الرياض يبدو حاراً هذا العام بصورة غير مسبوقة، عدا ذلك تبدو ساعات النهار طويلة جداً لكنك لاتستطيع الخروج في منتصف النهار فكل شيء حولك يتوهج بفعل الحرارة، وربما يكون هذا سبباً لتعزيز عادة السهر لدى الكثيرين ممن لا عمل لديهم خلال النهار سواء كانوا طلاباً أو ما عداهم، منذ سنوات كنت ألوم الذين يتبعون عادة السهر طوال الليل، أما الآن ففي هذه الأجواء فلا ملامة استمتعوا بلياليكم وخصوصاً تلك التي تضيئها الأقمار. والحمدلله على آلائه ونعمه.