تختلف البنوك الإنسانية عن البنوك المصرفية التي تقدم منتجات وخدمات يتناسب مع قطاعات العملاء المستهدفة، ومن تلك المنتجات التمويل والودائع والمنتجات الاستثمارية والعمليات مثل الوساطة والتحويلات، أما البنوك الإنسانية والتي منها بنك الطعام وبنك الملابس وبنك الدم وربما بنك الأعضاء، فهذه بنوك ليستْ استثمارية بل هي بنوك تمس الإنسان وتحافظ على كرامته دون خدش أو رياء أو البحث عن مردود دنيوي. هذه البنوك سامية في تعاملها هادفة في مقصدها تحفيز المجتمع على العمل التطوعي وتقديمه بصوره احترافية. بنك الطعام من أهم أهدافه توزيع الزائد من الطعام وإيصاله إلى المستفيدين بأفضل معايير الجودة والسلامة وتوعية المجتمع بأهمية حفظ النعمة. أما بنك الملابس توزيع الملابس الجيدة النظيفة مثل الملابس الرجالية والنسائية والولادية والبناتية، كذلك الأحذية، وألعاب الأطفال على المحتاجين بطريقة إنسانية. أما بنك الدم فهدفه يوفر جميع فصائل الدم ومشتقاته لجميع المرضى في حوادث المرور وإصابات العمل وحوادث الحروق ومرضى أمراض الدم المزمنة والأورام الخبيثة. أما بنك الأعضاء البشرية فلا أعلم مدى توافقه أم عدمه مع الشريعة الإسلامية وهو يعتمد على المتبرع والمتوفى دماغياً، وهذا هو السلاح الوحيد الذي يحد من الإتجار بالأعضاء البشرية.
البنوك المصرفية هدفها الربح أما البنوك الإنسانية فهدفها كرامة الإنسان ومساعدته دون مقابل مادي دنيوي، القائمون على البنوك الإنسانية إما مؤسسات خيرية أو جهات حكومية ترى أين الشركات العائلية من هذا الأجر الذي لا مثيل له؟ في المملكة تجاوزت استثمارات الشركات العائلية أكثر من 350 مليار ريال (93.34 مليار دولار) أي ما يعادل 12.8% من الناتج المحلي الإجمالي، تقسم المملكة إلى ثلاث عشرة منطقة إدارية لماذا لا تقوم أكبر ثلاث عشرة شركة عائلية في بناء ثلاثة عشر مجمعاً إنسانياً في كل منطقة يضم جميع البنوك الإنسانية، أهذا كثير على الوطن الذي قدم الكثير لهذه الشركات، إنه هدف إنساني أين أنتم أيتها الشركات من هذا الأجر العظيم قال تعالي {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}.
هناك من يعشق الهدر في الوقت والعمر والملابس والمركب والطعام، أتعلمون أن ثلث الطعام الذي يُطبخ يذهب هدراً في النفايات، أتعلمون أن قيمة الفاقد والهدر من الغذاء بالمملكة تقدر بـ 49.833 مليار ريال سنوياً، حتما وصدقاً البنوك الإنسانية سوف تقلل من قيمة الهدر من الغذاء، ولستُ أدري إن كانت هناك إحصائيات عن الهدر من الملابس. الرز كل بيت سعودي من المستحيل أن يستغني عنه أتعلمون ما قيمة الهدر يقدّر بـ 75 ألف طن سنوياً تعادل 1.5 مليون كيس، تقدّر قيمتها بـ300 مليون ريال. البنوك الإنسانية والشركات العائلية هي الحل الأمثل والمناسب، والوطن أعطى الكثير لهذه الشركات، لماذا لا يقدمون القليل من أرباحهم التي تقدّر بالملاين وربما بالمليارات.
وفي الختام مناطق المملكة الثلاث عشرة بحاجه إلى بنوك إنسانية، والشركات العائلية قادرة ومقتدرة لتلبية ذلك، أتمنى على رؤساء مجالس الشركات العائلية أن يدرجوا هذا البند، البنوك الإنسانية، في جدول أعمالهم ولديّ القناعة الكثير والكثير من أعضاء مجالس الإدارات يحبون تقديم العون والمساعدة، قال الله تعالى {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيّ الأعمال أفضل؟ قال: أن تدخل على أخيك المؤمن سروراً، أو تقضي له ديناً، أو تطعمه خبزاً.