أحمد محمد الطويان
لا يوجد عبر التاريخ مسبب أو محرض واحد للعنف، تعددت أشكاله وأسبابه ومبرراته، ولا يوجد مبرر يعطي حصانة لمرتكب العنف سوى الدين، لذا اخترع الإرهابيون حججاً مقدسة تمنحهم حصانة وتخلق شيئاً من الجدل والخلاف، ليظهروا في الغالب بمظهر البريء.
الذي يجب أن نعرفه جيداً بأن الإرهاب في شكله المعاصر ولد مع ولادة ما يعرف بالنظام الخاص التابع لجماعة الإخوان المسلمون في مصر عام1940 ، والذي قام بعدد من أعمال العنف والإغتيالات، وبعضها برر بأنه موجه ضد الاحتلال البريطاني، رغم أنها كانت أعمال تخريبية لتحقيق أهداف سياسية للجماعة، ويتهم البعض النظام الخاص بإشعال حرائق القاهرة في 1952 قبل اندلاع ثورة 23 يوليو من نفس العام.
ما أنتجه هذا التنظيم ليس عنفاً عملياتياً فقط، بل أدبيات زاخرة بالتأليب والعنف، وكان لها التأثير الكبير على قادة الجماعات التي خرجت من رحم التنظيم، إما بالانتساب الميداني، أو بالتأييد الفكري. جاءت مرحلة السجون في الستينيات والتي انتجت جماعة التكفير والهجرة وغيرها، وكان بطل المرحلة شكري مصطفى، التكفيري الذي جعل الجميع مرمى لنيرانه، وكذلك تنظيم صالح سرية، والذي تأثر فيه كثير من المتطرفين الحركيين ولعل من أبرزهم زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري.
كل ما سبق هو أحداث نسجت حكايات الإرهاب وآلامه في مصر، التي سبقتنا في ملامسة لهب التكفير والتفجير والإرهاب.. ومنها انتقلت الأفكار التنظيمية وعسكرة المشاعر الدينية، رجوعاً للفكرة الأساسية التي أطلقت كل هذا العنف «مبادئ النظام الخاص لجماعة الإخوان» السلفية العلمية لم تصنع إرهاباً، ولكن من حرك السلفية، ومن حرف السلفيين عن إسلامهم النقي؟
ومن حول السلفية من التفكير إلى التكفير؟
بما اننا في السعودية سلفيون صادقون، هناك من استقدم الفكرة الغارقة بالدم، وداهم نقاء إسلامنا، وحول بعض أبنائنا إلى القتل والتكفير باسم الدين، وهنا يجب أن نراجع تاريخنا وخطابنا الديني، لنعرف الأماكن التي دخل منها هؤلاء، لينشأ العمل الحركي، وبالتأكيد كان الهدف الرئيس تحقيق المكاسب السياسية للجماعات والفرق، وما حدث في مصر يحدث في السعودية، مع بعض الاختلافات.
إذا كنا نريد محاصرة الفكرة المتطرفة التي حولتنا من التفكير إلى التكفير، علينا مراجعة كل ما أدخله الإخوان المسلمون في أسلوب حياتنا وابتدعوه، وعلينا أن نواجه بشجاعة كل هذه التيارات التي تدعي القوة والتأثير.. فلا قوة تعلو قوة الدولة، ولا تقبل السعودية التي تحمل مهمة صون الرسالة الإسلامية أن يزايد على إسلامها أي طرف من الأطراف.
علينا أن لا نغفل دور النظام الإيراني، والذي حرك المشاعر الدينية منذ اعتلاء الخميني السلطة وسلب الثورة في 1979 وتأجيجه للمشاعر الدينية من كل الطوائف الإسلامية، وعلينا أن ندرس تأثر هذا النظام وارتباطه الوثيق بجماعة الإخوان المسلمين، وخصوصاً «سيد قطب» الذي أمر الخميني أحد معاونيه وهو السيد الخميني «المرشد الحالي» لترجمة كتبه ونشرها بين أتباع الخميني وتأثر حزب الدعوة الشيعي بكل أدبيات الإخوان، وهم كما يعرف الجميع أحد أذرعة النظام الإيراني سياسياً وعسكرياً.
إرهاب الإسلام السياسي لا يمكن تجزئته، فلا غرابة عندما نرى التقارب الشديد بين القاعدة وإيران، والتسهيلات التي تقدم الى ما تسمى بـ»داعش»
والاستهداف المباشر للمملكة العربية السعودية، وهي حرب شرسة وخبيثة يجب أن نتنبه لها، وأن لا ننجرف بمشاعرنا الدينية دون وعي أو إدراك لما يجري خلف الكواليس.
ارفضوا الإرهاب... كل الإرهاب، فلا يوجد إرهاب حلال وآخر حرام.