د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** يحب الدرعية وتحبه ؛ فهو الوفي لأرضه وناسه ، لم ينسها وقد غاب عنها عقودًا متنقلًا بين الملحقيات الثقافية في الجزائر وهيوستن ولندن ، ولم تنسه حين عاد فاستعاد المربع والمرتع، وأضاف إلى مزرعة الأسرة في قلب قلبها مزرعةً أخرى في أعلى أطرافها، وعرف الأكثرون من الأوساط العلمية والثقافية والإعلامية والإدارية زوايا عاصمتنا التأريخية الأولى عبره، ونوشك أن نرى ابتسامته الأنيقة وتعليقه الحانق بعد أن نكمل معه جولة في الدرعية القديمة فيعلق صديقه وحبيبنا الأثير حمد القاضي: «هذي مثل عنيزة»، وتتعادل الطرفة بدعوته لزيارة عنيزة العتيقة كي يقول لأبي بدر : هذي مثل الدرعية، ولا تلم «عُنزيين» على انتمائهم المشبوب فقد قيل : إنها ظاهرة تستحق الدراسة، ولنا «عبدالله الغذامي وأحمد الصالح وحمد القاضي وصاحبكم» جلسات خاصة متقاربة معه ملؤها الود والظرف والثراء.
** أستاذنا عبدالله بن محمد الناصر المتمكن من الإنجليزية والساكن في المغترب أكثرَ عمره المديد لا تجد في قاموسه الكلامي ولا الكتابي كلمة إنجليزية واحدة،وقد يُظن أنه نسي حصيلته التراثية فتُدهش أنها تتجدد وتتمدد، وإن شئت إطرابه فاسأله عن الزبرقان وذي الرمة وجرير وابن الدمينة والحطيئة وهوذة ومسيلمة والخزامى والنفل والجبيلة وبنبان، وهل سرق الفرزدق ذا الرمة، وأين هي كل حصاة وشجرة وجبل ووادٍ تخلقت فيها نصوصهم؛ يعيها كما يعيهم ، ويحفظ أشعارهم كما زوايا أماكنهم، ويوثق ترحالهم بصوته ولقطاته،وقبل سنوات اقتُرح عليه تقديم برنامج تلفزيوني عن الجغرافيا الشعرية وكان رده الذي ما يزال يعتنقه: لن أسعى إلى أحد كي يتبنى هذا المشروع وهم لن يسعوا إلي؛ فألح عليه صاحبكم بتنفيذه من خلال طريقين: اليوتيوب وندوة شهرية في منزله فاستحسنهما «مع وقف التنفيذ»!
** أبوعبدالعزيز «كثير رماد القدر رحب فناؤه» فلا نكاد نفتقد مناسباته التي يدعو إليها ضيوفه ومحبيه؛ ليس هنا فقط بل حيثما حلّ، وليس لناسه وحدهم بل لمبدعي العرب ورموزهم وذوي الفاقة منهم، ولعله يعقد صالونه الثقافي قريبًا ويكتب مذكراته ويصدر أعماله المخطوطة ويضمها مع المطبوع منها في «المجموعة الكاملة» ؛ فمثله في التنوع المعرفي والأصالة الثقافية والعطاء الإبداعي والإنساني نادر.
**الثقافة رسالة.