د. ناهد باشطح
فاصلة: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}
- سورة آل عمران آية 134
لماذا القتل؟
في كل مرة نعرف أن هناك جريمة قتل حدثت نتساءل لماذا؟ وبعضنا لا يصدق الأسباب ولا الدوافع بل ويستهجنها لأنه لا يمكن أن يتخيل ما الذي يحدث في عقل القاتل حين أقدم على جريمته.
بالرغم من أن القتل ليس جديدًا على النفس البشرية فأول جريمة منذ فجر التاريخ أقدم عليها أخ تجاه أخيه هي جريمة قتل قابيل أخاه هابيل لشدة غضبه.
ورغم أن العلم لم يستطع إثبات أن القتل غريزة إلا أنه أثبت أن الغضب غريزة وأن العدوان غريزة وهما مرتبطان بالقتل.
أتذكر خلال تحليلي النفسي للسجينات في سجن الملز وقت دراستي للماجستير أن أكثر ما كان يستوقفني حالات النساء اللواتي يقتلن رغم سلامة المحيط الأسري الأولي «الطفولة» ورغم عدم وجود عوامل كالفقر مثلاً أو أصدقاء السوء الذين يمكن أن يظهروا السلوك العدواني ولا أنسى تفسير مشرفي في الجامعة آنذاك إذا قال لي: «جريمة القتل تختلف عن باقي الجرائم فالإنسان قد يغضب ويقتل لأسباب بسيطة في نظري ونظرك».
وليس كل من امتلكه الغضب يقتل ولكن من المهم التعرف على خطورة غريزة الغضب.
يقول الدكتور عزت الطويل (ليس في إمكاننا فك الاشتباك بيننا وبين غريزة الغضب بالتربية والتدريب حيث إنه ما تم كسبه للنوع البشري لا يسهل اقتلاعه بجهد فرد أو مجموعة أفراد ولا حتى بجهد أجيال متعاقبة من بني الانسان لا يتعدى قوام وجودهم بضع آلاف من السنين فالجهود التربوية تدريبية لا تستطيع اقتلاع ما أرست قوامه ملايين السنين منذ طفولة النوع الإنساني، أن الغضب غريزة في جبلتنا البشرية وهو يمثل قوامًا من قوامنا السياسي والجوهري يستحيل الفرار منه ولكن يمكن ترويضه وتوجيهه).
إذن فالغضب محرك لغريزة العدوان التي تترجم سلوكيًا إلى ارتكاب جريمة القتل.
والعدوان ينشأ لعوامل عدة كالأسرة، المستوى الاقتصادي، جماعة الأصدقاء، حرارة الأجواء المناخية، الإحباط، الرغبة في الانتقام، عنف وسائل الإعلام وارتفاع هرمون الذكورة.
ومن هنا فإن غريزة الغضب التي لا تجد اهتمامًا من قبل الأسرة لترويضها وتهذيبها يمكن أن تجر ويلات عظيمة على الإنسان في كيفية تعامله مع تحديات الحياة وقدرته على تجاوز إحباطاتها.
نعم لا تحدث جريمة قتل بدون أن يكون القاتل تحت تأثير الغضب الشديد والانفعال القوي، أما كيف نغضب ولماذا نغضب فهو حديثي الثلاثاء القادم بإذن الله.