سعد السعود
يتقدم فريق لشراء نجم للتو برز.. يتدخل الفريق الآخر ليرفع السعر.. تصبح المسألة عنادا أكثر منها فائدة فنية.. ترتفع فاتورة شراء اللاعب.. وتصبح عبئاً على النادي.. والرئيس لا يبالي.. المهم كسب الرهان.. ليفوز بفلتة الزمان.. ثم ينسقه بعد عام أو عامين.. ويكون وقته الرئيس قد تورم من (الهياط) على المنافسين.
موسم يتلو موسما وذات الحال يتكرر.. ولا يستفاد من الدروس التي تمر.. لتكبر كرة الثلج.. وتصبح تركة الدين خانقة للنادي.. ولذا لم نستغرب عندما تجاوزت الديون لبعض الفرق ربع مليار.. وبعضها ليس ببعيد.. وللأسف ليتنا بعد كل هذا الصرف المهول قد أنتجنا شيئاً يسر المشاهدين.. مناكفات إعلامية تصل للشتم.. وتعصب يتجاوز بعضه ليصل للاتهام بالذمم.. أما النتيجة على المستوى الخارجي كروياً فصفر مكعب مع مرتبة الإفلاس.
جيد أن تكون هيئة الرياضة قد استيقظت ولو متأخراً.. فذلك حتماً خير من ألا تصحو أبداً.. فقامت بوضع بعض الضوابط لسداد المديونيات.. بعدما وقف اتحاد الكرة متفرجاً.. وكلي أمل ألا يكون في القادم من الأيام تراجع من الهيئة في تطبيق تلك الاشتراطات.. وألا تحظى أندية الضجيج بتسهيلات خاصة اتقاء شر أصواتها.. فالتطبيق بلا تراجع كفيل بأن يدرك الآخر عزم وحزم الهيئة على تقليص الديون ومحاولة تجاوز عثرات الأندية.
وعلى هيئة الرياضة أيضاً إن أرادت أن يؤتي هذا القرار أوكله بأن تمنع الاقتراض من الأندية.. فمعالجة التضخم لا يكون بالترقيع لأجل.. واستخدام المسكنات البنكية.. بل يكون بترشيد المصروفات.. وعدم الدخول في المزايدات.. والأهم عدم المبالغة في قيمة التعاقدات.. فجميل جداً ألا تمد قدميك إلا بمقاس لحافك.. ولذا فالحديث عن السماح بالقروض لو تم سيسهم بمواصلة إغراق النادي في وحل الديون.. ولنا في قرض الاتحاد خير مثال.. فلم يقلل من مصروفات النادي ولم يقلص من ديونه.. بل على العكس زاد الرقم واقترب لعتبة الـ 300 مليون.
جدير بالقول إن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم التفت هو الآخر لذات المعضلة وسن قوانين في عام 2014 م تمنع الأندية الغارقة بالديون من زيادتها.. وجعل لذلك عقوبات تبدأ من منع التسجيل.. وصولاً لمنع المشاركة الأوروبية.. انتهاءً بالتهبيط للدرجة الأدنى.. حيث اسمى ذلك بقانون اللعب النظيف.. وهدف ذلك حماية الأندية الأوروبية ومنافساتها.. وذلك بعدم إطلاق يد ملّاك الأندية حتى لا تقذف الفرق بمستنقع الإفلاس.. ولنا في بارما الإيطالي وليدز الإنجليزي خير مثال.. فبعدما كانا ملء السمع والبصر أوروبياً.. تدحرجا بسبب السياسة الخاطئة في الصرف المالي إلى الدرجات الدنيا في منافسات بلادهما.
أخيراً.. أتمنى أن يكون هذا العام بربطه تسجيل اللاعبين المحليين والأجانب بمقدار ديون النادي من قبل هيئة الرياضة.. علاوة على اشتراط لجنة الاحتراف للحوالات البنكية للمحترفين وعدم وجود شكاوى واجبة السداد.. أتمنى بعد كل هذا أن تنتهي موضة (التكديس) ويصبح البحث عن اللاعب المفيد حسب مقدرة النادي المادية.. ومتأكد أن ذلك لو حدث فعلاً سيسهم أيضاً في خفض التضخم في أسعار اللاعبين.. وحتى ذلك الوقت الذي نصل به للوعي الكامل لخطورة ما يدور بالأندية من إداراتها.. حتى ذلك الوقت لا تستغربوا لو سمعتم في البرامج من يهايطون وهم بالديون غارقون.. ولا تتعجبوا من هذا الرئيس أو ذاك وهو بالفم يتفلسف وباليد يتسلف.
آخر سطر:
«إن كنت على البئر.. اصرف بتدبير مثل عربي»