د. ناهد باشطح
فاصلة:
(عواقب الغضب أشد خطورة من أسبابه)
- حكمة يونانية-
لا يمكن لأحدنا أن يتخيل أنه إذا غضب فإن الأمر يمكنه أن يصل إلى ارتكاب جريمة القتل.
لكن الغضب كما يعرفه الدكتور المتخصص في دراسة الغضب «تشارلز سبيلبيرجر» هو إحساس أو عاطفة شعورية تختلف حدتها من الاستثارة الخفيفة انتهاء إلى الثورة الحادة.
وكأي شعور لا بد له من استجابة فسيولوجية فالغضب يصاحبه تغير في حالة عضلة القلب وارتفاع في ضغط الدم وزيادة في معدلات إفرازات هرمونات الطاقة كالأدرينالين وغيرها.
كلنا يغضب، وللغضب تأثيران إيجابي يمكن إدارته والتعبير عنه وسلبي ينتج عنه عواقب وخيمة وذلك للتهديد الذي يدركه الغاضب على نفسه أو مصالحه.
كلنا بلا استثناء نمر بعمليات ثلاث في التعامل مع الغضب: التعبير عنه، الغضب الهادئ، كبح الغضب وعدم التعبير عنه.
وفي الكبت تكمن المشكلة لأن الإنسان إن لم يستطع التعبير عن غضبه أو فشل في ذلك يبدأ في إصدار السلوك العدواني تجاه الآخرين والناس مختلفون في الشعور بالغضب لأسباب جينية أو فسيولوجية وأيضاً اجتماعية.
وبالتالي الذي يغضبك ربما لا يثير غضب سواك، والذي يدفع غيرك أن يقتل لأنه غاضب ليس بالضرورة أن يجعلك تفكر في الجريمة إنما إدارة الغضب تعتمد بالدرجة الأولى على الإنسان ذاته كتركيبة خاصة بجيناته وأفكاره وإدراكه.
تحذر جميع الأديان السماوية من الغضب ويقول عنه سيد الخلق في تحذير بليغ «ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب».
ومن هنا يدرك الإنسان أن عليه أن يتعلم إدارة غضبه أو يلجأ إلى المختصين النفسيين ليس لأن الغضب بالضرورة يؤدي إلى القتل في أسوأ حالاته ولكن لأن الغضب ينهك صحة الإنسان الجسمية والنفسية.
انظر حولك وتذكر كم شخص تعرفه خسر كثيراً بسبب عدم تمكنه من إدارة غضبه، وكم جريمة قتل نشرتها وسائل الإعلام ولم نتأمل كيف يمكن لها ألا تحدث لو أن القاتل وجد دعماً لتفادي إحباطاته قبل أن ينتهي به الأمر إلى ارتكاب الجريمة.
فطرة الإنسان هي الخير ولا ينزغ إلى الشر إلا بأسباب دافعة قوية.