عروبة المنيف
مسلسل دموي داعشي أحمق، لا نستطيع التكهن بقرب نهاية حلقاته الدموية ومشاهده المرعبة، حتى بتنا نخشى مشاهدة التلفزيون والشاشات الصغيرة التي بحوزتنا، فلم نعد نحتمل مشاهدة المآسي والآلام الناتجة عنها التي تبث يوميًا على شكل عرض تلفزيوني حي، ما يتوجب على القائمين على القنوات التلفزيونية والاتصالية المختلفة مطالبة المشاهدين بتوقيع إقرار «بإخلاء مسؤوليتهم» عن الأخطار الصحية النفسية والجسدية لذلك البث.
وبديهًا من أجل أخرج ذلك السيناريو لمسلسل الواقع الداعشي الأكثر دموية واللا متناهي الحلقات، يتوجب من طاقم المسلسل أن يكونوا على إيمان كامل بالأيدولوجيا التكفيرية الإرهابية بغض النظر عن أي أهداف سياسية أخرى لأي جهة كانت، وهل كان يخطر على البال تلك التداعيات الكونية التي سببها ذلك المسلسل الدموي التي فاقت كل مسلسلات العنف التاريخية.
آخر حلقة من ذلك المسلسل الدموي «وليست الأخيرة» التي بثت قبل كتابة هذا المقال، هي حلقة ذبح الراهب «جاك هامل» كاهن كنيسة مدينة سان إيتان شمال فرنسا على أيدي داعشي تونسي كان قد أودع السجن بتهمة محاولة التوجه إلى سوريا للالتحاق بداعش مرتين!.
تتمثل خطورة تلك الحلقة التي ذبح فيها الراهب بطريقة وحشية داعشية بامتياز، باستهدافها للكنيسة الكاثوليكية وفي تمهيدها لإشعال فتيل «حرب أديان»، وعلى الأخص في فرنسا التي شهدت أحداثًا دموية في الآونة الأخيرة نسبت جميعها للمسلمين!، وتضم فرنسا ما يقارب من ستة ملايين مسلم يؤدون عباداتهم فيما يفوق الألف مسجد، ما دعا الرئيس الفرنسي بعد تلك الحلقة من المسلسل الدامي لعقد اجتماع لمؤتمر «ممثلي الأديان» في فرنسا من أجل وحدة الصف ودعم التعايش السلمي بين الأديان ونزع فتيل الحرب!
ما يزيد المرء إيلامًا في أحداث تلك الحلقة المفزعة اكتشاف أن مسجد مدينة سان إيتان كان قد بني على أرض قدمتها الكنيسة نفسها التي شهدت الحادث الشنيع! وقد عرف عن الكاهن المذبوح تسامحه الشديد ودعوته المستمرة لنبذ التطرف والإرهاب.
لقد أصبحت فرنسا مؤخرًا مسرحًا للعب أدوار شيطانية داعشية، فلم تصحو مدينة نيس من حادثة الدهس وإطلاق النار على حشود الأبرياء بحادثة حملت بصمات «داعش» وبيد تونسي أيضًا، إلا وتبعها بث حلقة ذبح ذلك الكاهن وبذات الإخراج الداعشي المسعور.
من تداعيات ذلك المسلسل المرعب التي تضاف إلى سجل العداء العالمي للإسلام، تصريح رئيس الوزراء الفرنسي الذي أيد فيه وقف التمويل الخارجي لبناء المساجد في فرنسا، وظهور مطالبات في فرنسا بالدعوة للانتقال من مفهوم «الإسلام في فرنسا» إلى مبدأ «الإسلام الفرنسي»، ناهيك عن ظاهرة «الإسلاموفوبيا» التي تجتاح دول العالم كله الآن.
نتساءل: ألم تحن الفرصة للقضاء على ذلك السيناريو المرعب وعلى طاقمه؟ ما السبيل للخروج من ذلك المأزق؟ هل إنهاء ذلك المارد الداعشي أصبحت عملية عصية على العالم كله؟ وهل كتابة سيناريو عالمي جديد ينبذ التطرف ويؤسس لمرحلة تعايش جديدة تعمل على تعميق التفاهم والتعايش والانسجام بين أهل الأديان عملية صعبة ومستحيلة في ظل النظام العولمي الجديد؟ أم نقول على لسان سعد زغلول -رحمه الله- «مفيش فايدة، غطيني يا صفية».