د. خيرية السقاف
أجل, الثقة تُوَطَّن في النفس فتكون مدينَتها, وقريتَها, ووطنَها الآمن..
ومقعدها الوثير, وتربتها الخصبة..
حيث تحلُّ هناك لا ينازعها فيه كائنٌ من كان..!!
النفس وطنٌ, ما أولاها الإنسانُ عنايتَه كانت ملاذاً لثقته..
حين تكون الثقةُ المكيالَ يرسو بالكفَّة..!
والمركبَ يُبحرُ بالغاياتِ..!
وكما تُصنع المكاييل, تصنع الثقة..!
وكما توضع القواعد توضع أركانها..!
في وجودها ,
لا غبار يملأ الميزان, ولا خواء يعم المركب,
ولا فراغ في جنبات مُدنها, وقُراها, ووطنِها الكبير..!!
وحين تكون النفس وطن صاحبها, وقريته, وقاربه, وميزانه
فإنّ ثمة ما يُقيم له أوجه المقارنة بين أرض يسكنها, ومحطة يعبرها,
وقيمة يقدِّرها, وغاية يرنو إليها..!
من ينتمي لوطن يحبه فيعمل له, ومن يخصه مركب يوليه بذله فيحرص على سلامته,
ومن يملك ميزاناً لا يسرف في الغفلة عن مقاييسه,..!!
تماماً كالذي لا ينام قبل أن يكون قد استوفى واجبَه ما كان..,
فالثقة ثمرة العمل, والحرص, واليقظة,
واستيفاء ما للوطن من الواجب, وما للمركب من الصيانة, وما للميزان من المعيار..!
فالمسرفون في الحيرة, والتائهون في شتات الأفكار, والطامعون فيما ليس لهم, والمسرفون في اغتياب الآخرين, والسارقون ما ليس لهم, والمتظاهرون بلمعة الثياب وبريق المعادن,
وكل من يركب موج الضجيج تخلو أوطان نفوسهم من الثقة,
وتفرغ مراكبها,
وتخف موازينها..!!
هؤلاء كالمتطفلين على موائد غيرهم,
والجالسين في غير أماكنهم,
واللابسين ثياباً فضفاضة ليست بمقاس أجسادهم..!!
يقولون كثيراً, ويفعلون قليلاً,..!!
وحين تكشح الأنوار في عيونهم يتخبّطون لا يؤولون لمرسى,
ولا لجادّة..!!
في خضم الحياة دوماً,
الثقة في النفس نتيجةٌ إذ هي غاية,
وثمرة ٌإذ هي غرس,
وأمانٌ إذ هي مآلٌ..!!