سمر المقرن
لا يكاد يمر أسبوع دون أن تصلني رسائل واتصالات من نساء يبحثن عن حلول لمشاكل الزمن، فتلك تشكو من زوجها وأخرى من شقيقها، وثالثة من والدها، وهكذا هي سلسلة التسلّط الذكوري التي لا تنتهي. في رأيي الشخصي ليس هناك لكل حالة (حل) لأن معالجة أي مشكلة قد تواجه أي امرأة في مجتمع ذكوري هي أن تبدأ بتأسيس نفسها من صُغرها، أن تبني الفتاة نفسها وتُدرك أن الاستقلال الاقتصادي هو الحل الأوحد لمكافحة أي مشكلة.
ما لاحظته كثيراً من الحالات التي أواجهها، هو أن المرأة لا تكون مهتمة في إكمال تعليمها أو نوعيته، وهذا يعود إضافة للكسل، إلى النظرة قصيرة المدى، فتكون إما تعيش في بيت تجد داخله معظم احتياجاتها ملباة، أو أنها تكون حديثة الزواج ويأخذها ركب الفرح والسعادة المؤقتة، وتستيقظ بعد تراكم المشكلات الزوجية لتجد نفسها بلا شيء!
من المهم أن يتم دعم الأنشطة المدرسية للفتيات بأفكار الاستقلال الاقتصادي، وتوعية الفتاة منذ سن باكرة إلى النظرة بعيدة المدى، التي تشمل التخطيط والأهداف، وهذه لا يمكن أن تكون وليدة اللحظة كبعض النساء اللواتي يتواصلن معي ويذكرن لي أنهن في حالة بحث عن وظيفة، مشكلة هذه النوعية أنها تبحث عن وظيفة كمخرج من مشكلة، بينما التأسيس العلمي والوظيفة هو في معظم الأحوال حاجز صد عن المشكلة نفسها، فكما أرى أن علاقة المرأة العاملة بزوجها تختلف عن علاقة المرأة غير العاملة، لأنها في الحالة الأولى تعيش مع رجل يفهم أن وجودها معه ليس لحاجة مادية، بينما الثانية بغض النظر عن طبيعة وجمالية علاقتها بزوجها يظل في ذهنه أنها بحاجته وأنها لا تستطيع أن تعيش بدونه ليس لأنها تحبه، بل لأنها تحتاجه مادياً.
مشكلة الخطاب السائد في المؤسسات التعليمية الذي يقوم على التلقين الدائم بأن الهدف من تعليم المرأة هو إعدادها لدورها التقليدي الذي ينحصر في المنزل. هذا الخطاب أيضاً دائماً يقوم على تعزيز فكرة (طبيعة المرأة) التي تفرض عليها مهن معينة، محصورة ما بين قطاعي التعليم والصحة. وهذا بحد ذاته يُعتبر إشكالية كبيرة ليس في تحديد الوظائف النسائية فقط، بل حتى في الفكر المجتمعي والثقافة المسيطرة عليه تجاه المرأة!
الزمن تغيّر، والاحتياجات بدورها تتغيَّر، لذا من المهم أن نرى مُخرجات تعليم تواكب المرحلة والحاجة، وأكرر مجدداً، الاستقلال الاقتصادي للمرأة لا يمكن أن يكون وليداً لمشكلة طارئة أو حالة انفعالية!