د. صالح بن سعد اللحيدان
من المعلوم من حال التدوين اللغوي والعلمي بالضرورة ان العرب قبل البعثة النبوية الشريفة لم يكن كثير منهم يعرف الكتاب فضلاً عن القراءة؛ إذ كانوا يعتمدون على الذاكرة تلك التي تحفظ الكثير من الحكم والأمثال والشعر، وتحفظ كثيراً من الآثار والمواقع، وإلى هذا وذاك كان لديهم نباهة وعزة وشرف، وكانوا يسيرون في حياتهم على السليقة الجيدة، فقلَّ أن يقع من واحد منهم الخطأ، اللهم إلا في بعض الشعر إذ وقع لدى بعضهم الإقوى.
وكانوا إلى هذا يملكون القدرة الموهوبة وبعضهم يملك القدرة المكتسبة عن طريق التجارب والاحتكاك في معرفة مفردات اللغة وحقيقة الإعراب وجمال الطرح النحوي .
ولهذا كانوا أسياداً في هذا دون ريب.
وقد حفلت مطولات الاخبار والسير على ضرب الأمثلة في هذا كله ولست أذهب إلى ما ذهب إليه طه حسين وسعيد عقل وبعض اطروحات توفيق الحكيم وقسطنطين زريق وكثير مما طرحه ساطع الحصري في حقيقة الموهبة العربية وحقيقة وجود الشعر والخطابة في ذلك الحين.
ولو أن طرح مثل هذا الذي جاء به هؤلاء مما أخذوه عن غيرهم، جاء عن طريق التأصيل والتقعيد والتقعر الصحيح المبني على النزاهة وتمام تحقيق المسألة في اصولها وفروعها لنكف هؤلاء عن كثير مما ذهبوا اليه .
وان كان طه حسين عفا الله عني وعنه يملك أسلوباً سهلاً ممتنعاً ولديه شبه نفس طويل، فإن هذا لم يخوله أن يحكم على الشيء دون نص من ناهض مبين.
مع انه قد تراجع في كثير من أموره لكني انحو عليه باللائمة أن ذهب ذلك المذهب .
وكنت إلى وقت قريب أجمع وأقارن بين كثير من الاثار والروايات في الأحاديث والأخبار والشعر والحكمة والمثل فأجد دون شك أن هناك فرقاً بين ماكان عليه العرب من قديم الزمان وما عليه قومي في هذا الحين من حيث قوة السبك وقوة الاسلوب والدلالة على المعاني بشكل يجعلك تضرب الرهان على ان العرب كانوا على ما كانوا عليه مما ذكرته أنفاً.
وهنا، أذكر أن الإسلام لما جاء أمر هذه الامة بمعرفة الكتابة ومزاولتها وكذلك القراءة والتدوين المطول فإن النبي صلى الله عليه وسلم امر اسرى بدر ان يعلموا شباب المسلمين القراءة والكتابة وقد جاء عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قوله (كنت اكتب كل شيء أسمعه من رسول الله أريد حفظه فنهتني قريش، وقالوا : تكتب كل شيء من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضاء فأمسكت عن الكتابه فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأومأ بأصبعه الى فيه فقال: أكتب فو الذي نفسي بيده ما خرج منه الا حق وهذا قد رواه الامام الدارمي في السنن 1/125
وكذلك ما ورد أن رجلاً أنصاريا شكا إلى رسول الله قلة حفظه فقال: استعن بيمينك، وهذا قد رواه فيما أعلم البخاري 1/38
بل قد ثبت عند الامام الخطيب البغدادي في كتابه الذائع الصيت (تقييد العلم) ص70 وكذلك عند الامام ابن عبدالبر في كتابه ( جامع بيان العلم وفضله ) ص72
ما رواه أنس رضي الله عنه من حديث ( قيد العلم بالكتاب ) وهذا كله نقل امة العرب الى امة الاسلام فأرتفع شأنها بالوحي وتقييده بالكتابة والفهم العميق وسداد النظر، وهذا معجم أذكره لعامة العلماء والمثقفين وعلماء اللغة معجم ابين فيه الذي كتبه بعض الصحابة في أساسيات علم اللغة والمتون وحقيقة النحو وما تم على هذا من اضافات نوعية من بعض المتأخرين كأخينا محمود شاكر ومحمد شاكر وشعيب الأرنؤوط ومحمود الأرنؤوط وعبدالقادر الأرنؤوط وصديقي الخاص محمد بن ناصر الالباني وشيخنا عبدالعزيز بن باز، وما فعله الشيخ بخيت المطيعي ومصطفى بن صادق الرافعي وهذه هي الاسفار المهمة، كما ذكرها أخونا ضياء العمري.
أمثلة الصحف التي كتبها الصحابة في الحديث:
1/ صحيفة سعد بن عبادة الأنصاري .
2/ صحيفة عبدالله بن أبي أوفى .
3/ صحيفة سمرة بن جندب ( ت60 هـ) جمع فيها احاديث كثيرة .
4/ صحيفة أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم وفيه استفتاح الصلاة .
5/ صحيفة أبي هريرة.
6/ صحيفة أبي موسى الأشعري (ت50هـ)
7/ صحيفة جابر بن عبدالله الأنصاري (ت 78هـ)
وكذلك أيضاً من التابعين الكبار من الطبقة الثانية الى الطبقة السابعة من صغار التابعين في العراق والمدينة والشام أولاً/ أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي.
ثانياً/ أبو عدي الزبير بن عدي الهمداني .
ثالثاً/ أبو العشراء الدارمي المعروف ب أسامة بن مالك .
رابعاً/ زيد بن أبي أنسيه .
خامساً/ أيوب بن أبي تميمة المعروف بالسختياني.
سادساً/ يونس بن عبيد بن دينار العبدي .
سابعاً/ أبو بردة بريد بن عبدالله بن أبي بردة.
ثامناً/ هشام بن عروة بن الزبير بن العوام .
تاسعاً/ حميد بن أبي حميد الطويل أحد الذين رووا عن أنس.
عاشراً/ أبو عثمان عبيدالله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب .