خالد بن حمد المالك
من سوريا إلى العراق، ومن اليمن إلى ليبيا، تتحدث الآن الصور، وتكتب المشاهد، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، بمثل ما نراه من قتل ودمار، منذ إطلالة القرن الحالي وإلى الآن، والفاعلون أكانوا أفراداً أو مجموعات أو دولاً، يفعلون ما يفعلون دون هوادة، ومن غير رحمة، أو تأنيب من ضمير.
* *
سنوات مرت، والمشهد هو المشهد، والجرائم بازدياد، وآلة الحرب مستمرة، تُوفي من تُوفي، وأُصيب من أُصيب، وشُرِّد من شُرِّد، فهذا لا يهم، لأن من أشعل هذه الحروب، ومن تآمر على هذه الشعوب ووجه عدوانه نحو هذه الدول، هم الأعداء، هم القتلة، هي الأنظمة الفاسدة، هم أولئك الذين بلا إحساس أو ضمير.
* *
تتدفق الأسلحة، الخفيف منها والثقيل، وتصل إلى أيدي القتلة، ويسهل مرورها عبر ممرات آمنة، وتكاليفها غالية الثمن، ومن مال هذه الشعوب، أو من المتآمرين عليها، بينما البؤساء والمساكين من النساء والأطفال وكبار السن يلوذون بالفرار من ديارهم إلى العراء، دون غذاء، أو مكان آمن يأوون إليه.
* *
والدول العظمى وغير العظمى، يكتفون في التعامل مع أوار هذه الحروب من خلال مسؤوليهم، ووسائل إعلامهم، بتصريحات تافهة، وكلام رخيص، هو أبلغ إلى التأييد لمن يقوم بهذه الجرائم، منها إلى العمل على وقف نزيف دماء الأبرياء، وإيقاف آلة الحرب من تحويل هذه الدول إلى أراض محروقة.
* *
هذا إذا اعتبرنا أن التدخل الروسي والإيراني ودول أخرى في سوريا مثلاً هو لصالح استقرار سوريا، وهو بالتأكيد ليس كذلك، أو إذا نظرنا إلى عدم إلزام الحوثي وصالح بتطبيق قرار مجلس الأمن 2216 في اليمن، وكان ذلك في مصلحة اليمن، وهو الآخر غير ذلك، وهكذا هو الموقف الدولي من الوضع في ليبيا، وفي العراق أيضاً، حيث يُقتل السنة العراقيون بدم بارد، وفي فلسطين حيث يلوذ العالم صمتاً أمام جرائم إسرائيل.
* *
ومن المؤسف أنه يتأكد لنا الآن صحة مصطلح أن العرب (ظاهرة صوتية) التي أطلقتها القصيمي، إذ إننا لا نسمع من ردود فعل عربية صادقة على ما يجري في دولنا، سوى هذا الضجيج المصحوب بالخلافات والنزاعات والتباين في وجهات النظر بين العرب، بينما كان عليهم أن يوحدوا الجهود، والعمل على قتل الفتنة، والتصدي لآلة التخريب.
* *
فمتى يفيق العرب من سباتهم، ويستيقظوا مما هم عليه، ويدركوا أن مستقبلهم محفوف بالأخطار، والتقلبات الخطيرة، في كل جانب بأكثر مما هو عليه الآن، إن لم يستشعروا بمسؤولياتهم، ويدركوا بأنهم أمام أخطار أكثر جسامة، وأصعب على الحل فيما لو استمر الحال كما هو حالهم الآن.
* *
وأمام هذه الصورة المعتمة، والحال الذي لا يسر، والمستقبل الغامض، والمؤامرات التي تهدد وحدة الدول العربية واستقلالها واستقرارها وأمنها، لا نملك من الأمر شيئاً، إلا أن ننبه ونذكر ونحذر من خطورة المجهول الذي يحمل ويبيت لنا ما هو أسوأ وأخطر مما يقدره العقلاء منا.