سام الغُباري
- لا يجيد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي الحديث عن نجاحاته، انكساراته اللغوية، وطبيعته الهادئة التي جُـبل عليها لفترة طويلة خلال مشاركاته للحُـكم مع الرئيس السابق، جعلته كما يبدو بعيداً عن الأضواء التي لا يعشقها، وبسيطاً طيباً لا يشبه حذاقة صاحبه القديم ولا يهتم بمعارك الزعامة والبقاء الأبدي.
- هناك خلل في توصيل رسالته إلى الناس، هذا أمر واضح، الوسائل الإعلامية والدعائية التي ينبغي أن تقوم بوظائفها الجادة في معركة الدفاع عن الشرعية الوطنية مصابة بروماتيزم حاد، وفاقدة لإستراتيجية العلاقات العامة، ولو كانت وسائل الإعلام العربية والخليجية واقفة في طريقه لأصبح الرجل وحيداً في معركة تعتمد على الضوء والصورة والمعلومة .
- كل هذه الثغرات المؤسفة لم تُبعد الرئيس هادي عن حربه الحقيقية من أجل استعادة شرعيته المختطفة في تحالف عربي نادر قاده باقتدار الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز، واستطاع خلال حرب الضرورة إلى تلبية نداء الملايين من أبناء الشعب اليمني لإيقاف عجلة التمرد الحوثي وتدميرها قبل أن تتحول تلك البذاءة إلى حكومة الأمر الواقع بغية السيطرة على اليمن السعيد باسم إيران التي توهمت قدرتها على اختطاف عروبة اليمن الحقيقية من بين أهلها وجيرانها.
- استطاع الرئيس هادي بحروبه الوطنية إخراج الأفاعي من جحورها، وإضعاف بنية الانقلاب واستنزاف غرورها، وتحرير أكثر من 80 بالمئة من الأراضي اليمنية التي كانت تتساقط كبيوت الطين أمام جحافل القوة الحربية الحوثية التي سيطرت على الجيش الوطني وأدارت حروبها الداخلية على اليمنيين أنفسهم!.
- يمكن قياس نجاحات الرئيس هادي بالنظر إلى ما تحقق خلال الأعوام الأربعة التي وصل فيها إلى الحكم عبر انتخاب شعبي سليم، ويمكن رصد أبرزها في النقاط التالية :
1 - استطاع هادي إزاحة منظومة الحكم السابقة في ثورة حقيقية من الداخل إستكملت تطلعات الشباب البريئة في مستقبل يخلو من مراكز القوى الوثنية التي كانت مسيطرة على الحكم والثروة والمستقبل، وأسهم بفاعلية في تقييد خطواتها عبر العقوبات الدولية، وتفعيل نظام سياسي جديد عبر الحوار الوطني قائم على البنية الاتحادية التي تُـوسع المشاركة السياسية الواسعة لكل أبناء اليمن في قرار السلطة والنفوذ .
2 - رغم ما حدث من انتكاسة واضحة لهذا المشروع خلال الإنقلاب الحوثي على الشرعية الدستورية إلا أن إدارة الحرب على مشروع الثورة المضادة أزاح إلى الأبد بقايا الأوهام العالقة برأس السلالة الكهنوتية، وأظهر كراهيتها للشعب اليمني، ومدى فجورها وعنفها .
3 - أثبت الرئيس هادي للعالم أجمع أن الحوثيين يقفون ضد مبادئ السلام الحقيقية وأنهم جماعة قائمة على الإبادة العنصرية خلال جلسة مجلس الأمن الأخيرة التي توحدت كلمات أعضائها ضد تعنت الحوثيين لفرص السلام القائمة على المرجعيات الأممية، فيما أشادت بدهاء وديبلوماسية الوفد الحكومي النابعة من إيمانه المطلق بالدولة الضامنة للحقوق والسلام والأمن العادلين لكل أطياف المجتمع.
4 - تعاون الرئيس هادي المطلق مع دول الخليج العربي أعاد اليمن إلى مربعه الحقيقي بين أهله وأصدقائه وجيرانه، بعد أن كانت اليمن في عزلة حقيقية عن محيطها وإقليمها بسبب السياسات الطائشة للنظام السابق عبّـرت عنه مواقفه اللامسؤولة مع أنظمة معادية لأمن وسلامة الخليج، نتج عنها تشرد ملايين المغتربين اليمنيين وتدني مستوى معيشتهم، دون أن يُـلقي ذلك بالاً لدى نظام الرئيس اليمني السابق الذي كان يعيش خارج نطاق الزمن والمعقول .
5 - حقق هادي خلال فترة الحرب لأكثر من نصف مليون يمني من «المجهولين» في المملكة العربية السعودية إقامات نظامية جعلتهم يتحركون ويعملون بحرية في إطار قوانين المملكة، في مقابل وعود خليجية قادمة باستيعاب اليمن بعد خروجه من محنته وتأهيله ليصبح عضواً فاعلاً في مجلس التعاون الخليجي.
6- استطاع هادي تأسيس الجيش الوطني الجديد بفضل تلاحم ووعي القيادات العسكرية الناضجة التي رأت في الانقلاب الحوثي تهديداً خطيراً على أمن وسلامة اليمن والمنطقة، كما أذاق الانقلابيين هزيمة تاريخية، وحصد بقواته الجديدة رؤوس أباطرة الشر الذين سارعوا إلى إعلان مجلس سياسي جديد للحفاظ على ما تبقى من تماسكهم الداخلي.
7 - أصبح اليمن بفضل قيادة الرئيس هادي شريكاً عربياً واضحاً وأساسياً مع المملكة العربية السعودية وبقية دول مجلس التعاون الخليجي، وكما قيل أن بعض المصائب توحد الأخوة لمواجهة الخطر الأكبر، فقد توحدت الإرادة العربية والخليجية واليمنية في تنسيق واضح لردع المؤامرة الإيرانية التوسعية عبر الكيانات المذهبية والطائفية البغيضة، واعتبار اليمن البلد العربي القوي الذي قاتل نيابة عن العرب في معركة القرن أمام غزو المشروع الإيراني المغرور.
8 - مثلت شرعية الرئيس هادي محور الإهتمام الداخلي، وأرغمت كل المتطلعين إلى بناء كيانات مستقلة عن اليمن الواحد إلى التوقف عن أوهامهم، والبحث عن دور إيجابي في إنقاذ البلاد من محاولة الأنظمة البائدة السيطرة على المستقبل والأمل.
- لقد وقفنا بكل شرف مع الرئيس عبدربه منصور هادي لأنه يمثل الديمقراطية التي عبّر عنها ملايين اليمنيين، ولا يمكن لأي إنسان يحترم نفسه الامتناع عن التضحية من أجل بلده، ووطنه، فالرئيس الذي بات قريباً من تحقيق نصر حقيقي لليمن بالسلم أو الحرب، يقف على أعتاب صنعاء، ملوحاً بكل الخيارات الممكنة لاستعادة دولة اختطفها الإرهابيون بجهالة القوى الوطنية التي أثبتت تدني وعيها السياسي أمام طوفان الكذب والخداع الذي أصاب اليمنيين بخيبة أمل، وجعلهم يدفعون ثمن استهتارهم بدولتهم ونظامهم، ابتداءً من قوى 2011م التي قوّضت السلم والأمن الاجتماعيين، وانتهاءً بتقليعة الانتقام الانتحاري التي لا يفعلها مجنون متشرد بنفسه، هدم المعبد على رؤوس الجميع مُـعتقداً أنه يستطيع الخروج من بين ركام الفوضى سليماً ونقياً ليعيد إنتاج نفسه على حساب الملايين من الأحرار الذين يتوقون إلى يمن جديد خالٍ من الأفاعي والراقصين ...
وإلى لقاء يتجدد