عبدالحفيظ الشمري
نسعى جميعاً إلى أن يكون الوطن هو الأول، والأولى، والأهم في جميع مشاريعنا الإنسانية، وأنشطتنا الحضارية، فلا يختلف اثنان على هذا المبدأ السوي، إلا أنه يتطلب منا جميعاً جهداً مضاعفاً، وعملاً دائباً؛ من أجل إنجاح هذه البرامج في مشاريعنا الوطنية التي تعمق هذا الحس النبيل، وتجعله فوق كل اعتبار.
ومن الأولويات المهمة في تعميق الحس الوطني أن ينطلق من حياة النشء، والجيل الجديد؛ إذ يتطلب ذلك عرضا مفاهيمياً جديداً، ومشروعاً مواكباً لهذا الجيل لكي يسهم في بناء هذه المنظومة التي تجسد حب الوطن والوفاء له.
ومن أهم هذه المشاريع هو أن نبدأ بشيء مختلف مع الطلاب في مدارسهم، أي أن نشرع في العمل الابتكاري الذي يعد ملهماً ومحبباً لجيل اليوم، أي أن العلم النظري والأقوال أشبعت طرحاً وتثقيفا؛ فلم يبقَ علينا سوى أن نطبق، ونبدأ بما هو عملي.
ولكي نسعى إلى البداية العملية في حب الوطن لا بد أن نَجِدَّ في بناء الثقافة والوطنية لدى الناشئة، وأن نتفاعل مع كل ما يوحد بلادنا وذلك بالتفاعل -مثلاً- مع التراث وصيانته، والعمل مع الجهات المختصة في التراث والآثار ليكون لهؤلاء الصغار فرصة أن يساعدوا في البناء والترميم والوقوف على كل ما هو حضاري وإنساني في بلادنا، وألا يكون الأمر مجرد زيارات ومشاهدات فقط.
كما يجب علينا أن نعزز ونفخر بماضينا، وتراثنا، وحضارة أهلنا، وأن نستوعب معا أن هذا التنوع التراثي والحضاري هو مصدر ثراء في التجربة الوطنية، وأن لا يكون الجهد مركزاً على نشاط بعينه، أو لون معين لكي يتفاعل معه الجميع كباراً وصغاراً؛ خدمة للوطن، وحواضنه التراثية، وشواهده التاريخية.
أمر عملي آخر يتطلب منا القيام به مع جيل اليوم من الطلاب، والصغار في مراحل عمرية متوسطة هو أن يكون المجال الإنساني والاجتماعي والتطوعي مدرجاً في سياق عملي؛ يقبل عليه الطالب كمادة عملية في المنهج الذي يتلقاه، وألا تكون مجرد مادة نظرية؛ كتجارب سابقة لم تحقق أهدافها؛ لأنها باختصار ظلت أحاديث ودروس نظرية تلقن في الحصص المدرسية.
فمن الأجدى أن يكون المشروع القادم لبناء الحس الوطني هو الطابع العملي، لكي تصبح التجربة ثرية، ونوعية؛ وتتم من خلال الممارسة والتطبيق والتفاعل المحسوس مع كل ما يخدم التراث الوطني وهو المثال الذي يمكن أن يحتذى في مضامين وطنية أخرى.