إن الحاجة إلى الإعداد التربوي للمدرس الجامعي تستند إلى عدة مسلمات، كما جاء في التقرير النهائي للمؤتمر الأول للوزراء المسؤولين عن التعليم العالي في الوطن العربي، أهمها:
1 - أن التدريس علم له أصوله وقواعده ويمكن ملاحظته وقياسه وتقويمه وبالتالي التدرب على مهاراته.
2 - أن التدريس يختلف عن البحث من حيث طبيعة ومهارات كل منهما.
3 - أن القدرة على البحث لا تعني القدرة على التدريس رغم العلاقة الوثيقة بين النشاطين.
4 - أن رفع كفاءة المدرس الجامعي عن طريق استخدام الطرق والأساليب الحديثة من شأنها أن تؤدي إلى رفع كفاءة التعليم الجامعي بما في ذلك الجوانب البحثية فيه.
5 - أن الإعداد التربوي للمدرس الجامعي من شأنه أن يساعد على مجابهة مشكلة الأعداد الكبيرة في الجامعات وهي مشكلة منتشرة في كثيرمن الدول.
6 - أن الإعداد التربوي للمدرس الجامعي من شأنه أن يعمق الجوانب الإنسانية في عملية التدريس ويطور العلاقة بين المدرس والطلاب.
7 - أن تطوير التدريس الجامعي يتصل اتصالاً مباشراً بتطوير الجوانب الكيفية في التعليم الجامعي مما يرفع بالتالي نسبة المردود من هذا النوع من التعليم ويجعل الجامعات بحق طلائع مستنيرة تقود حركة التقدم في المجتمع.
8 - أن الإعداد التربوي للمدرس الجامعي أمرحتمي بعد أن تأكد عجز نظم الدراسات العليا الحالية عن الوفاء بهذا الإعداد والتركيز على الأنشطة البحثية والتخصص الضيق.
يقول د. عبد الرحمن عدس: إن واجبات عضو هيئة التدريس الجامعي متعددة ومتشابكة. إنه في الدرجة الأولى معلم تقع على كاهله مسؤولية نقل المعرفة إلى طلبته، وإكسابهم المعلومات والمهارات المتخصصة في الميدان الذي يدرسون فيه، وتهيئة الفرص والظروف المناسبة لتطوير النواحي الذكائية والجمالية والخلقية عندهم، وإيجاد جو جامعي يساعدهم على النمو والتطور، وأن يعمل كل ما من شأنه تنمية شعورهم بالانتماء الصادق لوطنهم وحبهم وولائهم له، وإذكاء روح الشعور بالمسؤولية الحق في نفوسهم فيما يتصل بكل ما يصدر عنهم من قول أوعمل، والارتقاء بقدراتهم وإمكاناتهم لخدمة غايات وأهداف مجتمعهم الكبير، بوجه عام، وتزويدهم بكل ما يعمل على جعل خبراتهم الجامعية ممتعة بحيث ينتظمون في نشاطات نافعة وهادفة، وبالتالي مساعدتهم في بناء شخصيات قوامها النضج والتكامل من نواحيها كافة.
وإضافة إلى كونه معلماً، يعد عضو هيئة التدريس بالمثل باحثاً أيضا، إذ يخطئ الذين يحاولون الفصل بين قدرته على التدريس وقدرته على البحث العلمي الأصيل. فمن المسلم به أن عضو هيئة التدريس الجامعي لا يستطيع أن يكون ناجحاً في عمله التدريسي بالشكل الصحيح، ما لم يكن ناجحاً في عمله باحثاً، وإلا فإنه يكون بمثابة الناقل للمعرفة وغير القادرعلى تطويرها وإغنائها. وقد جاء على لسان الدكتور عبدالله عبدالدايم قوله: إن البحث العلمي هو إحدى مهمتين كبيرتين لا يقوم التعليم العالي من دونها ومن التكامل بينهما: مهمة التدريس ومهمة البحث، ويضيف قائلاً: إن مطلب البحث العلمي هذا كان، وما زال، ضالة التعليم في كثيرمن البلدان.
إنّ عضو هيئة التدريس هو فرد في مجتمع من واجبه أن يسخر جزءاً من وقته وجهوده لخدمة ذلك المجتمع والإعلاء من شأنه.