د.ثريا العريض
أتابع مستجدات الساحة السياسية والعسكرية في المنطقة على مدى أعوام بل عقود منذ الثورة الخمينية التي تحولت إلى منبع للشرور والتطرف الديني والطائفي في الجوار حتى آخر المستجدات في انتشار الإرهاب الداعشي, وأتألم إذ أرى ما تتناقله نشرات الأخبار من الدموية والتدمير والموت. العنف يتصاعد حتى تصريحات القيادات شرقا وغربا إذ يواجهون ضرورات التعامل مع تطرف الأحزاب وشبكات الخلايا وتفجيرات الذئاب المنفردة وتدفق ملايين اللاجئين.
بصدق أتمنى أن تنتهي كل الصراعات والحروب سريعا, وأدعو الله أن يعود السلام والوئام إلى الجوار, وأن يتوقف سيل الدمع والدم إذ يغيّب الموت كل يوم شهداء من الجنود والمواطنين الذين تطالهم يد الغدر بصواريخ تعبر الحدود إلى الآمنين في ديارهم. مع العلم أنه بعد مرحلة امتدت من الانقسامات الداخلية والقصف والهدم والتدمير, الأمر لن ينتهي بمجرد الوصول إلى قرار بالتوقف عن القتال. بعد كل الدمار لابد من تطهير النفسيات المتجرحة ولابد من إعادة البناء.
مع الأسف لم يعد الأمر خيارا داخليا بحتا أمام قيادات الدول سواء في الجوار أو الدول التي يلجأ إليها ملايين الفارين من ساحات الحروب في المدن المشتعلة, وليس بالإمكان اتخاذ قرار ببناء جدران مثل سور الصين العظيم أو جدار برلين لحماية الذات من شرور الخارج والمترصدين. أصبحت الصراعات القاتلة عابرة للحدود, وبفعل فاعل يسعى في تصدير ليس فقط الأفكار والانفعالات المسرطنة عبر الحدود إلى أوطان الغير, بل يرسل أيضا الأسلحة التي سيقتل بها بعضهم بعضا ومن سيدربهم على مهارات استعمالها ويقودهم في تدمير الأوطان.. ويمول تهريب المخدرات والمتفجرات وكل ما سيساهم في زعزعة الأمن والاستقرار.
نعم تكلفة الحروب عالية ماديا ومعنويا وإنسانيا.. رحم الله كل الشهداء من حماة الحدود والأجهزة الأمنية.
لا أشك أن مواطني الدول المشتعلة والدول التي تطالها الشواظ لا يرغبون في استمرار مسلسل القتل. ولكن القيادات التي لا ترى هدفا غير تمدد الهيمنة واستمرارية التشبث بالسلطة لا تنصت لأنين المواطنين. والحقيقة أن السكوت على تمادي إيران في التدخل في شؤون الجوار شمالا وشرقا وجنوبا والتغلغل لإحداث القلقلة ما كان لينتهي بالجيران فقط وإنما القصد أن تتغلغل براثنها وسمومها في السعودية أيضا.. ولذلك فقرار الدفاع عن أمن المنطقة وبناء قوة التحالف كان قرارا مصيريا لابد منه سياسيا وإن كان مكلفا جدا اقتصاديا وإنسانيا. المغرضون فقط يلوموننا في قرار إنقاذ الجوار دفاعا عن الاستقرار.
أدعو الله أن يحمي كل أراضي الجزيرة العربية من أطماع الطامعين ,وأقول حقق الله أمل العقلاء أن يتغلب مواطنو إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن وسيناء على مؤججي الصراعات, ليتوقف الهدم والدم, ويبدأ الجوار كله مرحلة البناء والتعافي والشفاء.