أمل بنت فهد
عندما تزرع صباراً حتماً لن تقطف منه تفاحاً.. لذا تأكد من نوع البذور قبل أن تحلم بالقطاف.. واعلم أن لكل بذرة تربة ومناخاً وظروفاً خاصة بها.. فلا يكفي أن تتمنى الحصاد المثمر وأنت لا تفقه في الزراعة شيئاً.. وكل ما تعرفه عنها أنها خضرة ونضرة وتمنحك متعة المنظر وهواء مشبع بالأوكسجين.
كذلك بذورك الآدمية.. أبناؤك الذين تحلم بهم وليس لديك فكرة عنهم.. وكل ما تعرفه أنك تريدهم أفضل منك حظاً وصحة ونجاحاً.. كل ذلك دون أدنى تخطيط للكيفية التي ستقوم عليها هذه القضية الكبرى والمفصلية في حياتك.. حتى إن التوقيت المناسب لم يخطر ببالك لتكون أباً ولتكوني أماً!
نظام العمل بالبركة.. وحسب ما تفتضيه الظروف لا يمكن أن يضمن نتيجة أكثر من الفوضى وإكمال المشوار بتقنية الطوارئ.. لأنك باختصار دخلت دون تفكير.. ودون خطة.. ودون هدف.. فجأة تزوجت.. فجأة صرت مسؤولاً.. فجأة أصبحت أباً!
ودعني أسألك سؤالاً إن كنت لم تنجب بعد: لماذا تريد أن يكون لك ذرية؟
وإن كان لديك أبناء: لماذا أصبحت أباً؟
إن كنت تطمع أن يكونوا لك سنداً حينما تكبر وتخور قواك.. فأنت تحتاج ثروة تضمن بها مستقبلك كإجابة أكثر منطقية.
وإن كنت تريد بهم وجاهة تباهي بها الآخرين.. فإن المال أعظم وجاهة وقوة وسلطة.
لذا ابحث عن إجابة أكثر إنسانية.. لتقرّر بعدها أي أرض يمكنها أن تنجب لك ما تحلم به.. فالشريكة التي ستختارها.. هي صاحبة دور البطولة في صناعتهم.. فهل اخترت أماً يمكنها أن تشاركك ذات الأماني والتخطيط في نوعية الأبناء الذين تريدهم!
هل وضعت توقيتاً مناسباً لقدومهم أم أن العملية حدثت بالبركة أيضاً!
مشكلة صعوبة تربية الأبناء تبدأ قبل أن تتزوج.. هي مشكلة رغبة دون فهم أبعادها.. مشكلة مغامرة دون فهم ماهيتها.. خبط عشواء تنتج لك مخلوقاً صغيراً يجر خلفه مسؤولية عظيمة.. لها بداية وليس لها نهاية.
ولأن الأبناء أجمل وأعظم ما يمكن أن تصادفه في حياتك.. ووجودهم يشبع في أعمق أعماقك شعوراً لا تستطيع كنوز الدنيا أن تأتي به.. لذا تحتاج فعلاً أن تعتقد يقيناً أن قدومهم لحياتك بحد ذاته يكفي.. لتمنحهم حباً واضح المعالم.. يمكنهم أن يشعروا به ويرونه ويلمسونه.. تحتاج أن تقرأ كثيراً وتعرف معنى الطفولة.. قبل أن تمارس الأبوة.. فأنت في أي مشروع أقدمت عليه.. لم تجازف بالقبول قبل أن تفهم.. فهل المال أخطر من الأبناء!
لماذا تتعلّم بعد أن ترزق بطفل كأنه ورطة.. هل كنت ستوقع على مشروعك دون أن تفهم على ماذا توقع؟.. كذلك صناعة طفل تحتاج الكثير من التهيئة قبل أن يأتي.. من يقبلك شريكاً أو صاحباً لمشروع دون رأس مال؟ أو بالجهد والعمل كأقل ضمان.. فكيف تأتي بطفل وأنت بالكاد تعول نفسك وزوجتك مثلاً!
قدوم طفل معناه أن تعرف لماذا تريد هذا الطفل.. أن تكون قادراً على إعالته وضمان حياة مستقرة بعيدة عن الحرمان والفقر.. وأن تكون على دراية بماهيته.. وتعرف ما هو الطفل وكيف يتم التعامل معه.. وكيف هو في المراهقة ووو.. إلخ
فترميم العلاقة أصعب بكثير من البناء الجديد.. الترميم إصلاح أخطاء قد يتم بالترقيع.. فتهوي العلاقة على قلبك وتدفنك.