عماد المديفر
لا فضل يعدل فضل الدفاع عن هذا الوطن، ولا شرف يعلو على شرف الشهادة في سبيل الله ذوداً عن حياض المملكة العربية السعودية.. أعظم وطن، وأطهر وطن.. أصل العروبة، وحصن الإسلام الحصين، ومنطلقه المَعين، وسوره المتين..
مقر شوكة المسلمين.. وسر قوتهم وتماسكهم خلف قادتهم وولاة أمرهم.
موئل الأفئدة.. ومجمع القداسة والقبلة.. عزنا وشرفنا وكرامتنا...
الدفاع عنه دفاع عن العقيدة الإسلامية السمحة، دفاع عن جناب التوحيد الخالص، دفاع عن مقدسات المسلمين..
الدفاع عن هذا الوطن دفاع عن أمهاتنا.. عن أخواتنا.. عن زوجاتنا.. دفاع عن بناتنا.. دفاع عن مستقبل أبنائنا..
إنه الجهاد الحق في سبيل الله.. بأمر المليك وتحت راية التوحيد الخفاقة.. ولتكون كلمة الله هي العليا.. ومصالحنا نحن المسلمون العرب السعوديون الدينية والدنيوية هي العليا.. فطوبى لمن نال شرف هذا الدفاع.. وهذا الجهاد الذي هو «ذروة سنام الإسلام».. وهو الرباط في الثغور؛ انقياداً وامتثالاً لقوله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، وقوله عليه الصلاة والسلام: ((رباط يوم وليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجرى عليه رزقه، وأمن الفتان)). رواه مسلم، وفي الصحيحين، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها)).
وفي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من أغبرت قدماه في سبيل الله، حرمه الله على النار)).
أما أجر الشهادة فلا يضاهيه أجر.. فهو الفوز العظيم.. قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 111].
وقد أولت دولتنا المباركة عناية خاصة لمنسوبي قطاعاتنا العسكرية كافة.. وخصت المرابطين والمجاهدين والشهداء بجزيل الامتيازات والبدلات والعطايا ما لا تمنحه أقوى الدول وأكبرها لمنسوبيها العسكريين.. مما يجعل من تشرف بالخدمة العسكرية من أبناء هذا الوطن يلاقي من أجري الدنيا والآخرة -إن أخلص العمل لوجه الله العلي الكريم- ما لا يلاقيه منهم من أمثاله في مشارق الأرض ومغاربها.. إلا أن حق هؤلاء المرابطين علينا كبير.. مادياً ومعنوياً.. وهو ما يحتم علينا أن نتشرف بمشاركتهم تضحياتهم.. ولا أقل من المساهم بالدعاء.. والأموال.. وخاصة من المقتدرين ممن يجب عليهم أن لا يتأخروا عن ذلك كالبنوك وكبار رجال الأعمال.. ومن هنا جاءت دعوة سماحة المفتي الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ -وفقه الله- لإنشاء صندوق لدعم أسر الشهداء والمصابين والأسرى والمفقودين.. ودعوة زميلي الأستاذ أحمد الطويان -الكاتب في هذه الصحيفة- لإنشاء مركز وطني للشهداء والمصابين والمحاربين القدامى.. تخليداً لتضحياتهم وتدويناً لبطولاتهم عبر «متحف وقوائم شرف، وأفلام تفاعلية، وصور فوتوغرافية، وإصدارات خاصة، توثق هذه التضحيات، وتجعلها حاضرة وحية في قلوب وعقول السعوديين». وهو لعمري أمرٌ أراه بالغ الأهمية، وليصبح المركز «معلماً وطنياً، ومزاراً ثقافياً، يغذي الوطنية ويعزز حضور من ضحوا بأرواحهم ويشعر ذووهم بالفخر».
ولا أجمل ولا أروع من دمج دعوة سماحة المفتي بدعوة الكاتب الوطني أحمد الطويان.. وليصبح ذلك كله تحت مظلة المسمى الذي اقترحة وأُثَنَّي عليه: «المركز الوطني للشهداء والجرحى والمحاربين القدامى» متمنياً أن تنال هذه الدعوة التفاعل الذي يستحقه أبطال هذا الوطن.. منذ زمن المؤسس عليه رحمة الله حيث مجدنا التليد، وإلى يومنا الحاضر المجيد ومستقبلنا الباهر الوليد.. فهذا الوطن غني بقصص التضحيات والبطولات والمجد، فوطننا هو المجد..
.. إلى اللقاء.