خرجت إحداهن مع أطفالها وابنة زوجها من امرأة أخرى.. في نزهة برية نهار يوم شاتٍ.. وعندما اشتد البرد أخرجت معاطفهم من الحقيبة لتلبسهم إياها.. لكنها اكتشفت بأنها لم تحضر معطف ابنة زوجها.. فألبستها معطف ابنتها.. وتركت ابنتها بدون معطف.... (ضمير حي).
ورجل بعد أن عاد من سوق الخضار.. عرف أنه أخطأ في محاسبة البائع وأنه بخسه ريالين.. فعاد من فوره وتحت لهيب الشمس الحارقة وفي ذروة زحام السيارات المعهود بالرياض.. باحثاً عن البائع ليعطيه بقية الحساب.... (ضمير حي).
طفل وهو يكتب واجبه المدرسي.. وجد قلماً لزميله في مقلمته.. وجاء إلى أمه باكياً خائفاً يقول.. أمي أخذت قلم زميلي.. ويا ويلي من ربي.. طمأنته أمه وقالت.. أنت ما سرقت يا بني.. وستعيده غداً بإذن الله.... (ضمير حي).
وسيدة حامل تتناول أدوية من مستشفى حكومي تحتاجها لحملها.. وضعت طفلها قبل موعده بشهر.. فلم تعد بحاجة للعلاج.. أخذت ما تبقى منه ولم يُفتح وأعادته لهم.. برغم رفضهم بحجة أنه دواء تم صرفه ولا يعاد.. إلا أنها أصرت على أن يأخذوه منها.... (ضمير حي).
معلمة ابنتها تدرس معها في نفس المدرسة.. أضاعت الصغيرة كتابها المدرسي.. فطلبت أمها من المسؤولة عن الكتب أن تعطيها كتاباً عوضاً عنه.. ودفعت قيمته لخزينة المدرسة.... (ضمير حي).
وشاب هو إمام لمسجد.. كان يأخذ معه بضع تمرات ليفطر عليها في رمضان.. لكنه في يوم كان متأخراً فذهب دون أن يأخذ شيئاً منها.. فأفطر على ماء من برادة المسجد.. سألته أمه.. ولماذا يا بني لم تشارك الصائمين إفطارهم في المسجد ؟ أجابها.. والله ما أردت أن آكل مما أحضره صاحبه وقد سمعته يقول.. هذا الإفطار للعمال والمساكين.. وأنا لست مسكيناً والحمد لله.... (ضمير حي).
سيدة مرضت خادمتها وقرر الأطباء لها عملية جراحية.. أو ترحيلها إلى بلدها لعلاجها هناك.. لكنها تعاطفت معها وعملت لها العملية وهنا على حسابها الخاص.. خوفاً عليها من السفر وهي مريضة.. ولربما عجزت عن تكاليف العملية هناك في بلدها.... (ضمير حي).
مديرة مدرسة لم يُحسم لها غياب يومين من راتبها غابتهما بدون عذر.. فلم تقبل بذلك.. أرسلت الخطاب تلو الخطاب للوزارة ليخصموه لها.... (ضمير حي).
تلك قصص واقعية لأصحاب ضمائر حية.. حية في أمور نراها بسيطة.. وقد يعتبرها البعض من الوسوسة أو التشدد.. لكنها نفوس آمنت بربها.. وعلمت بأنه سبحانه لا تخفى عليه خافية.. وعلمت بأن كتابه لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها حتى مثقال حبة الخردل.. قال تعالى: إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ (16) سورة لقمان.
هذه النفوس اليقظة تلوم نفسها وتحاسبها قبل أن يحاسبها الله..
ومن تهاون في الأمور الصغيرة يوشك أن يتهاون في الكبيرة..
ومتى ما وجدت الضمائر الحية قل الفساد وتحقق العدل وصلحت الأحوال وسعُدت المجتمعات..
أسأل الله أن يجعلنا ممن أقبلوا على ربهم.. وممن استيقظت ضمائرهم.. هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين.. آمين.