منذ ما يقارب عشرين عاماً حلَّ علينا المستر جوال وكان وسيله اتصال، ثم أصبح وسيلة ألعاب، ثم تدرج إلى أن أصبح آله تصوير، ثم أصبح تواصلاً اجتماعياً، ثم انقلب من وسيلة نفع إلى وسيلة تسلية فأصبح في أيدي الصغار والكبار، ثم زاد الأمر إلى أن فرَّق الأسرة وهم في مجلس واحد كل واحد يتابع ويراسل بدون ملل ولا كلل.. فهل يا تُرى سيكون هذا الجهاز مجهزاً على أصحابه.. انقطعوا عن الذكر وعن السنن وعن أنفسهم وتركوا النوم من أجل الإدمان على المتابعة حتى سائق السيارة يرى الموت أمامه ومع ذلك يتابع ويطالع ويتحدث ويكتب والسيارة تسير وتتمايل على قارعة الطريق! إنه إدمان وأي إدمان حتى وأبناؤنا على مقاعد الدراسة منصرفون عن دروسهم ويتابعون الإنستقرام وسناب شات وتويتر والواتس آب وأصبحوا يتابعون مشاهير بثقافات متعددة منها الغث ومنها السمين ومنها دون ذلك.. إلى متى ونحن نأخذ من التقنية الهدر المادي والصحي والنفسي والوقت ليكن التعامل مع هذه التقنية بعقل وبصيرة وضبط وحذر فهدر الأوقات بلا ثمن أمر محُزن يجب إيقاف هذا الهدر وحماية الوقت فإننا مسؤولون أمام الله عن هذه الأوقات التي ذهبت بلا ثمن.. إنني متخوّف خوفاً شديداً أن يتحوّل هذا الجهاز إلى مرض فالواقع يزداد والشغف يتزايد من عقلاء فما بالكم من صغار أدمنوا عليه قبل دخول المدرسة وإليكم هذا المثال: يقول أحد الآباء إن لي ابناً ألح علي حتى اشتريت له جهاز جوال وقلت له إن شرطي الوحيد عليك أن تكون الصلاة قبل الجوال قال الابن نعم فلما كان اليوم الثالث خرج الأب للصلاة وقال لابنه الصلاة لا تفوتك صلى الأب ورجع وإذا الابن ما زال على حاله يقول الأب فأخذت الجوال وأتلفته وقلت له ما هذا الذي نريد.. الله ينادينا ولا حياه لمن تنادي قد هام على وجهه مع ألعاب وبرامج ومتابعات.. إنه جهاز أجهز علينا فلنفق ونحدد أوقات لا نتجاوزها ونحترم الوقت فإن الوقت هو الحياة، وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.
- بريدة