د. عبدالرحمن الشلاش
يأتي الحب في اللغة مضادا للكراهية لذلك فالأمم التي تزرع الحب في شعوبها تجني الشهد، أما من يغذون الكراهية فلا يجنون سوى الشوك. عندما تزرع الكراهية بين الناس يتشرذم المجتمع إلى أحزاب وجماعات متحاربة إما بتبادل الاتهامات والسب والشتم والمزايدة والتخوين والتصنيف, أو باللجوء للعنف بكل أنواعه ومنه تنشأ أمور أشد خطورة مثل محاولة كسر النظام ونشر الفوضى وإتلاف الممتلكات وإزعاج السلطات وارتكاب الجرائم وترويع الناس وقد يؤدي الشحن المبرمج لقتل المخالفين حين ينضم هؤلاء الحاقدون لجماعات إرهابية توجه أولئك المساكين لقتل أي مخالف ولو كان من أقرب الناس مثلما حدث عندما أقدم شابان في مدينة الرياض لقتل والدتهما قبل شهور في حادثة فجعت المجتمع بكل فئاته. قد يسلك التعبير عن الكراهية منحى حمل الشعارات وترديد الهتافات المعادية أيضا.
الكراهية سرطان قاتل إذا ترك من يزرعها ويغذيها حرا طليقا دون رقابة أو متابعة ودون تطبيق عقوبات رادعة مع غياب الجهود الجماعية الجادة لنزع هذا الفتيل المشتعل، لكن كيف تزرع الكراهية وتغذى لتتحول لقوة تدميرية رهيبة ؟ نعرف أن منابر زرع وتغذية الكراهية لا حصر لها لكنها تتفاوت في قوتها ودرجة تأثيرها ثم في مستوى هذه القوة، وسرعة التأثير. في مجتمع محافظ نزعته دينية يكون الصوت الوعظي والدعوي أكثر تأثيرا فيه وخاصة إذا ما ركز على ما يعدها خطايا أو سلبيات بتصوير ما يقوم به الناس بأنه لا يرضي الله عز وجل، أو أن الأمة تتعرض لألوان الهوان وعلى الجميع أن يهبوا لنصرة الدين بمقاتلة الكفار والمشركين والعصاة والنفير للجهاد وعدم القعود, يشاركهم في هذا الاتجاه دعاة الثورات والخروج على الحكام وهذا النوع من زارعي الكراهية بالذات لا يركزون كثيرا على العاطفة الدينية قدر تركيزهم على بعض السلبيات في الخدمات وغيرها، والضرب على وتر البطالة والفقر والتباين في مستويات المعيشة، ولا يتورعون عن الرمي بورقة « إدعاء المظلومية « من بعض فئات المجتمع وأنهم مضطهدون ولا يحصلون على حقوقهم المشروعة وهكذا!
هناك منابر لنشر الكراهية غير ظاهرة ولها تأثيرها غير الواضح، لكنه تأثير يظهر مفعوله مع مرور الأيام، تلك المنابر المعنية بإذكاء التعصب الرياضي بين فئات الشباب عن طريق بعض الإعلام الرياضي غير المسؤول بمقدمي برامجه وكتابه من خلال القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي والصحافة ببث سموم التعصب والكراهية بين مشجعي الأندية مستغلين اندفاع بعض الجماهير في تشجيعهم بلا وعي أو إدراك وهذا بالذات ما يجب التنبه له من قبل المسؤولين.