أحمد محمد الطويان
منذ 60 أسبوعاً عقدت فيه جلسات مجلس الوزراء وحتى هذا الأسبوع، يعيد المجلس هندسة الأنظمة، والقطاعات، والخدمات، وبهدوء وروية تخفي ورشة عمل لا تهدأ وتعمل بسرعة تحركها الدقة والعمق.
مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية تحرك بشكل مبهر في أكثر من اتجاه لصناعة السياسات الاقتصادية، وإنعاش التشريعات المصابة بالغيبوبة، والعمل على الاستفادة القصوى من كلِّ ريال يدخل خزينة الدولة.
في هذا الأسبوع صدرت قرارات بالغة الأهمية في جلسة مجلس الوزراء برئاسة نائب الملك الأمير محمد بن نايف، واشتملت على: إعادة تنظيم الرسوم والمخالفات، وربط صندوق الاستثمارات العامة بمجلس الشؤون الاقتصادية.. ولأنني لست قريباً من لغة الأرقام، لفتني بإعجاب شديد حزم الحكومة لمواجهة الظواهر المرورية المسيئة لصورة بلدنا.
وأعتقد بأن الشوارع والمرور ونظامه ومدى الالتزام به، يعطي مؤشراً مهماً وأولياً عن مدى تحضر المجتمع، وهيبة القانون، وهذا نلاحظه في الدول التي نزورها، ونقيِّم تجربتها التنموية أو الثقافية أو الاجتماعية، ننظر دائماً إلى التزام المجتمع بالقانون وأحد أعمدة الالتزام والانضباط هو التقيد بأنظمة السير والمرور.
«الانحلال المروري» إن صح التعبير أوجد فئات مستهترة عبثت بقيم المجتمع، وخلقت شكلاً قبيحاً بالمظهر والسلوك، اعتمد على كسر الأنظمة المرورية والتسبب بحوادث كارثية.. مثل ظاهرة «الدرباوية» وهي ظاهرة تستحق الدراسة، والتباهي بالتفحيط والتلاعب بالسيارات، وفتحت الباب للسرقة والإضرار بالممتلكات، وارتبطت بهذه الظاهرة أمور غير أخلاقية وتعاطٍ لممنوعات.
مجلس الوزراء واجه التفحيط «مفتاح الشرور» بعقوبات رادعة وحازمة وهي السجن وغرامة تبدأ من 20 ألف ريال إذا كانت للمرة الأولى و40 ألفاً للمرة الثانية و60 ألفاً للمرة الثالثة. هنا يقول المشرِّع: لن يفلت من العقاب أيَّ فرد مهما كان، وبهذا الردع القاتل لهذه الظاهرة يقول صانع القرار: لن ندخل مسارات التنمية بسلوكيات مضطربة لم تواجهها الحكومة بالردع اللازم سابقاً حتى كبرت واستشرت وانتشرت.
أمام التحديات الكبيرة التي تواجهها الحكومة، فإنها تدشِّن التقدم إلى الأمام، وتفرض الطريقة المثلى لترشيد الإنفاق، وتهيئة الاقتصاد بمفهومه الشامل، والمجتمع بكل مكوناته لتحقيق متطلبات التنمية.. لا تعاني الدولة من مشكلات مالية بل تجنِّد طاقاتها لعمل تنموي تظهر نتائجه في المرحلة المقبلة، وبإصرار كبير ومؤثر من القيادة السياسية.
إعادة هندسة الإدارة والاقتصاد والأنظمة مجهود كبير ومضنٍ ويحتاج إلى وقت كبير وفِرَقِ عمل مختصة تواصل الليل بالنهار، ويواكب ذلك إعلام رسمي رصين وإن لم تتوفر الفرصة والظروف ليظهر كل ما يدور من عمل مبشر خلف الكواليس،، فالمعطل مكبلات الإبداع في العمل الحكومي والتي نعرفها جميعاً، ويعمل صانع القرار لتفكيكها.