د.علي القرني
يبدو أن تقوض آمال الحزب الجمهوري في أن يصل حزبهم، وبالتالي مرشحهم إلى الرئاسة الأمريكية بات واضحاً، وبدأت فرصهم تتضاءل تدريجيا بسبب تخبط مرشحهم دونالد ترامب، الذي سجل تراجعا في استطلاعات الرأي العام في عدد من مؤسسات الرأي في الولايات المتحدة. وتقدمت عليه مرشحة الحزب الديموقراطي هيلاري كلنتون، بعد أن كان متقدما عليها حتى بعيد انتهاء المؤتمر العام للحزب الجمهوري، ولكن بعد انتهاء الحزب الديموقراطي بدأت كلنتون تتصدر آراء الناخبين الأمريكيين.
وهناك تخبطات كثيرة وكبيرة وقع فيها مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، أدت الى تراجعه في استطلاعات الراي العام حتى الآن، وكانت ردة فعل القيادات الجمهورية تشير الى تراجعهم عن تأييد ترامب في الإنتخابات الرئاسية، وآخرها تقرير عن اجتماع لخمسين من خبراء الحزب الجمهوري من عسكريين وسياسيين واقتصاديين وإشارتهم الى أن مرشحهم ترامب لو فاز سيكون رئيسا خطرا على المصالح الأمريكية. وهذه ضربة كبيرة لحملة ترامب وآماله الرئاسية.
كما أن الإهانة التي وجهها ترامب لعائلة أحد الجنود الأمريكيين الذي قتل ابنهم في العراق، وهي عائلة مسلمة أصبحت تشكل أحد أهم المشاكل التي وضعها ترامب أمامه، لأن مثل هذه الإهانة هي موجهة للجيش الأمريكي وليست للعائلة بذاتها، ومن شأن ذلك أن يهدد العلاقة التي يمكن أن ترتبط بين الرئيس في حالة ترامب مثلا وبين أفراد القوات الأمريكية، وخاصة تلك التي في الخارج، إضافة إلى المحاربين القدامى الذين يشكلون نسبة مهمة في شرائح الناخبين الأمريكيين.
من الميزات التي يتميز بها السباق الرئاسي في الانتخابات الأمريكية أن شخصية الرئيس تمر بمراحل عديدة إلى أن يصل إلى اقتراع الناخبين (في أول ثلاثاء يأتي بعد أول اثنين، مما يحصره في تاريخ يقع بين 2 إلى 8 نوفمبر) كل أربع سنوات. والانتخابات الرئاسية الحالية ستكون يوم الثلاثاء 8 نوفمبر أي في أقل من ثلاثة أشهر، حيث بدأ السباق الرئاسي من بعض الولايات في انتخابات أولية لمرشحي الأحزاب قبل أكثر من عام، ثم تتوالى الولايات الأخرى، فيصعد مرشحون ويسقط آخرون إلى أن يصل كل حزب إلى مؤتمره العام الذي يتحدد فيه مرشحهم الرئاسي.
والمرحلة التالية هي حملات كبيرة يقدمها كل مرشح، ويأتي من ضمنها المناظرات الرئاسية الثلاث حيث تم جدولتها لتكون المناظرة الأولى بين كلنتون وترامب في نيويورك بتاريخ 26سبتمبر، والثانية في سينت لويس ميزوري في 9 اكتوبر، والثالثة في لاس فيجاس في 19 أكتوبر، كما هناك مناظرة واحدة بين نائبي الرئيس للمرشحين في فيرجينا بتاريخ 4 أكتوبر.
وهناك حاليا جدل لتعارض توقيت هذه المناظرات مع مباريات كرة القدم الأمريكية. وتشكل هذه المناظرات آخر نظرة فحص على المرشحين الرئاسيين قبل الاقتراع عليهم.
ولا شك أن عمليات الفحص المتتالية خلال أكثر من عام على أفكار وسلوكيات وتاريخ كل مرشح هي كفيلة بوضع الشخص الأنسب من بين المرشحين في سدة البيت الأبيض، وهذه العمليات هي التي تفرز الآن خللا كبيرا في فكر مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، الذي بدأ الناخب الأمريكي يعيد النظر في دعمه له وتأييده. وتعكس تصريحاته ومقابلاته الكثير من الخلل في العقلية التي يمكن أن تدير السياسة الأمريكية الداخلية والخارجية. ومن المهم أن أخطاء ترامب الكارثية التي تتوالى قد استفادت منها هيلاري كلنتون كثيراً، فاتجاهه العدائي للكثير من قادة حزبه، واتجاهه العدائي لبعض شرائح المجتمع الأمريكي من مسلمين ومن ذوي الأصول المكسيكية، إضافة إلى السود لديهم الكثير من الريبة، كل هذه وغيرها خلقت فجوة كبيرة بين ترامب وكثير من شرائح المجتمع الأمريكي.
وتشير الاستطلاعات الحزبية الحالية (داخل كل حزب) إلى أن 83% من الجمهوريين يؤيدون ترامب بينما 92% من الديموقراطيين يؤيدون مرشحتهم هيلاري كلنتون، وهذا يعكس عدم قناعة نسبة مؤثرة من مؤيدي الحزب الجمهوري لمرشحهم ترامب.
ولكن من الهم التأكيد على أن السباق الرئاسي لم يحسم بعد فالأشهر الثلاثة القادمة من شأنها أن تغير الكثير من القناعات لدى الناخبين الأمريكيين، كما أن أخطاء معينة قد تؤثر على مسيرة الوصول لكل مرشح، إضافة إلى أن المناظرات ستكون مؤثرة جدا في تحديد تفضيلات الناخبين. وستظل كلنتون مستفيدة من الأخطاء الكارثية التي يقع فيها ترامب بين فترة وأخرى، رغم أن أخطاءه بدأت تتكاثر في هذا التوقيت المصيري للانتخابات.