د. ناهد باشطح
فاصلة:
((بقدر ما تكبر المصيبة، ينبغي أن تكبر الحياة))
- حكمة عالمية -
من الطبيعي في هذه الحياة أن تمر بالإنسان تحدّيات وأزمات مختلفة، ولطالما كتبت عبر ثلاثة عقود من الكتابة في الصحف عن الأزمات ونتائجها الإيجابية التي تظهر بعد انتهاء الأزمة وانفراج الكرب والضيق لكنها كانت كتابة غير المختبر.
اليوم ساكتب بشكل مختلف عن تجربتي مع أزمة اعتبرها هي الأقسى حين فجعت بفقد زوجي -رحمه الله-.
وحده الموت يربكنا يثير الكثير من الأسئلة التي لا نستطيع الإعلان عنها حتى لأنفسنا، أردت أن أفهم بعمق ما هو الابتلاء وكيف يكون الصبر؟
إيماني الدائم بالمعرفة جعلني اقرأ كثيرًا لأفهم حكمة الله في الأزمات وخصوصًا فقد الأحبة.
قرأت قصص الأنبياء من جديد لأتعرف على أزماتهم التي مروا بها وطريقتهم في التعامل مع الله في الأزمات، قرات في فلسفة الموت لدى الأديان المختلفة
وكان السؤال لماذا والله رحيم بنا يمنحنا الأزمات؟
كنت أعرف أن الله حين نصبر ونشكر برغم الألم يعوضنا ولكن ظل السؤال هل هناك شيء آخر؟
واكتشفت أن هناك حكمة أعمق وأن الصبر ليس معناه التسليم فقط بقدر الله إنما حكمة الله في الأزمات أن نتغير.
نعم لأن الله يحبنا يريدنا أن نتغير للأفضل ولا يمكن أن نهدأ من لهاث الحياة وانشغالنا بها إلا إذا قابلتنا أزمة قوية وقتها نهدأ... نقترب من الله... نفكر أكثر ليس في الأزمة بل في حياتنا.
ما التغيير الذي يجب أن يحدث؟
علاقتنا مع الله... مع أنفسنا... مع من حولنا
نعم هذه هي حكمة الأزمات التسليم والتغيير.
الله جل جلاله في غنى عن صبرنا وشكرنا بالمعنى التقليدي للصبر والشكر اللفظي، والله في غنى عن اختبار إيماننا بما يعذبنا، إنما لمحبته لنا يوجهنا نحو تغيير حياتنا للأفضل.
الأزمة الحقيقية ليست فقط في فقد الأموال أو الأنفس أو الثمرات كما يقول الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأموال وَالأنفس وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إذا إصابتهم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أولئك عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وأولئك هُمُ الْمُهْتَدُونَ}، إنما الأزمة أن تمر علينا حوادث الحياة مرور الكرام فلا نتعلم ولا نتغير للأفضل نحو الله بل نبقى نردد الجمل البكائية أو المعزّية لنا دون استشعار ولذلك يمكن أن نجد أناسًا لا تؤثر في حياتهم الأزمات إلا تأثيرًا انفعاليًا عابرًا وهو قرارهم كما لو أن الله أراد بهم خيرًا واختاروا هم ما يريدون.