لبنى الخميس
تقول الحكمة: «الأشخاص العظام يناقشون الأفكار، والأشخاص العاديون يناقشون الأحداث، أما الأشخاص التافهون فإنهم يناقشون الأشخاص»، في دلالة واضحة على أن الأفكار هي العملة الثمينة التي يتداولها البشر قبيل إنتاج قصيدة خالدة، أو تأليف كتاب مدهش، أو إطلاق اختراع يغير مسار البشرية.
لكن كيف تصاد الأفكار السمينة الدسمة؟ وهل هناك حقائق يجب أن نعرفها عن تلك المخلوقات الراقصة في فضاء الحكمة والعبقرية. أشارككم اليوم حقائق مذهلة عن الأفكار قد تغير نظرتك عنها إلى الأبد.
- الأفكار لا تأخذ إجازة أبداً
الأفكار كائنات حرة ومتمردة، لا تلتزم بساعات الدوام، ولا تعترف بقوانين وشرائع البشر، تأتيك في الحل وفي الترحال، في المنام وفي اليقظة، في الأوقات الأكثر حزناً والساعات الأكثر سعادة. تداعب خيالك وتقض مضجعك حتى تستجيب لسطوتها، وتتخذ قراراً بشأنها. هل لاحظت أن معظم الأفكار الجيدة راودتك دون نية مسبقة لاستقبالها؟ وأنت مستلقٍ على الشاطئ في إجازتك السنوية، وأنت تأخذ حماماً ساخناً، أثناء ارتشافك كوب قهوة مع أقرب أصدقائك. رحب بالفكرة وافتح لها قلبك وعقلك.. وإذا استقرت في ذهنك لأكثر من ثلاثة أيَّام فلا تعدها ضيفاً ثقيلا، بل ادرس الفرص الممكنة لعرضها وتحقيقها.
- حتى تخرج أفكاراً عظيمة.. توقف عن كونك منطقياً
كل الأفكار العظيمة، كانت في مرحلة ما غير منطقية، كون البشر بطبعهم يخافون المجهول ويألفون المعتاد، ومعظم فناني العالم اتهموا بالجنون، وقيل عن أكثر الاختراعات التي غيرت حياة البشرية إنها أفكار ساذجة وخيالية وغير قابلة للتحقيق. إذا فكرت بنفس الطريقة التي يفكر بها غيرك فستحصد نفس النتائج، وإذا خطوت بنفس الاتجاه ستصل لذات المحطة. لا جديد.
- الأفكار المبدعة تزهر داخل القلوب والعقول الشجاعة
لا يمكن أن تغير أفكار الآخرين وأنت عاجز عن تغيير ذاتك، ويستحيل أن تلهم الناس بآرائك الشجاعة، وأنت مدمن على الخيارات السهلة الآمنة.
أجبرت عائلة بول سيزان ابنها على دخول كلية الحقوق لاعتقادهم أنها ستؤمن له مستقبلاً آمناً ومضموناً، استجاب لرغبتهم وأكمل في كلية الحقوق لمدة عامين، لكنه تمرد لاحقاً وسافر إلى باريس ليمتهن الفن، فتبرأت منه عائلته، لكن إصراره وشغفه غير مسار الفن التشكيلي وجعل لوحاته تباع بمئات الملايين. شجاعة سيزان منحت إبداعه الفرصة ليتنفس، بدل أن يخنقه الخوف، ويقمعه الشك، ويدمره الإحباط.
- الأسئلة الجيدة.. تحفز الأفكار الجيدة
يقول فولتير: «احكم على الناس من الأسئلة التي يطرحونها، لا الأجوبة التي يقدمونها» كون الأسئلة أداة مهمة لقياس وعيك وعمق فهمك. إدارة إحدى المتاحف في هولندا آثرت أن تقوم بتجربة لتشجع الزوار أن يطيلوا الوقوف عند إحدى اللوحات ويتمعنون بذوقها الفني الرفيع من خلال وضع قائمة من الأسئلة بجانب اللوحة، كتب فيها: هل يمكنك إثبات أن «رامبرنت» هو من رسم اللوحة؟ كم تساوي قيمتها؟ ما هي الأخطاء في اللوحة؟ كيف يمكن أن تجعلها أفضل؟ فكانت المفاجأة أن مدة وقوف الزاور وصلت إلى نصف ساعة وهو رقم قياسي أمام الدقائق العابرة من عمر المرور. الأسئلة تحفز وتحرك عضلة التفكير. وبالتالي إنتاج المزيد من الأفكار الخلاقة. العقول المتسائلة جنة الأفكار، والمخيلة الساكنة مقبرتها.