د. أحمد الفراج
لا جدال في أننا تابعنا فواصل كوميدية رائعة، منذ الانقلاب التركي، وأنا على يقين بأن فروع الأحزاب الإسلاموية المسيسة في الخليج لم تكشف عن خفايا تناقضاتها بشكل جلي وواضح، كما فعلت خلال الأسابيع الماضية، فأثناء احتفالات ميدان تقسيم، تحمس أخونا الفاضل، ناصر الدويلة، وألقى كلمة عصماء، وكان يريد أن يصيد عصفورين بحجر، فهو أراد أن يمتدح الحزبية الإسلاموية، التي تدعم النظام التركي، وفي ذات الوقت، أراد أن يضرب خصومه العلمانيين، فقال مخاطبا جمهوره التركي: «أنتم أيها الشعب العظيم استطعتم أن توقفوا مد العلما....»، وحينها تلعثم، وأخذ يردد :» العلما... العلما....»، فما الذي حدث بعد ذلك؟!.
يبدو أن الأخ ناصر يعرف المثل الذي يقول: «يا ليت حلقي حلق نعامة، حتى أقيس قبل أغوص، أو حتى الكلمة اللي ما أبيها أردها»، وبالتالي فإنه عندما أراد أن يشيد بوقوف الشعب التركي ضد العلمانية، تذكر أن تركيا دولة علمانية، وتفخر بذلك، وخوفاً من بطش الجمهور التركي المتحمس، فقد توقف عن إكمال نطق كلمة « العلمانية»، ثم تلعثم لبرهة، وبعدها قال «العلم... العلم.... العلمبريالية»، ويقصد ما يردده عتاة القومجية عن «الإمبريالية العالمية!»، وبعد هذه الجزئية الكوميدية، تغنت وسائل التواصل الاجتماعي الخليجية بمقطع ناصر الدويلة الكوميدي، ولا تزال، فهو يمثل موقف الحزبي الإخواني الخليجي، المتطفل على بلاد الآخرين، وكيف أنه يتبنى أيدولوجية تختلف عنهم، ومع ذلك يصر على أن يكون جزءاً من حراكهم، من باب النكاية ببلده، وغني عن القول إن معظم رموز التنظيم الإخواني الخليجي هم كالنائحات المستأجرات، التي يغدق عليها بلد خليجي معروف بالدولار الأخضر والأصفر الرنان.
وليس ناصر الدويلة هو الأول، فمواقف إخوان الخليج الكوميدية المتناقضة لها تاريخ حافل، فالشيخ السعودي «الهرم»، والذي يستغله الحزبيون السعوديون أبشع استغلال، بسبب كبر سنه، وجهله بالسياسة، أفتى بكفر من فرح بالانقلاب التركي، ثم أفتى معترضا على مناشط سوق عكاظ، في مدينة الطائف، والمثير للسخرية هو أن من استدرج الشيخ المسكين للهجوم على سوق عكاظ هم الحزبيون السعوديون، الذين كانوا، حينها، يتراقصون على أنغام الموسيقى التركية في ميدان تقسيم!!، ويختلطون مع المختلطين هناك، نسأل الله السلامة والعافية، ثم لا ننسى أستاذ العقيدة السعودي السروري، والذي يكفر إخوانه من المثقفين السعوديين، ولا يتوقف عن اتهام المملكة بالتغريب، ثم في ذات الوقت، يرقص طربا، وهو يشيد بزعيم يفخر بعلمانيته، وبالجهود التنموية لدولة علمانية، ما يعني أن المسألة برمتها هي جهود حزبية، مدعومة بخشم الدولار، للإشادة بدول أخرى، كتعبير جبانٍ عن معارضة دول الخليج، ولكن ما يخفى على الحزبيين الخليجيين هو أنهم بتناقضاتهم الفجة والمكشوفة هتكوا ستر تقيتهم أمام العامة، حتى أصبحوا مجالا للتندر، وفي النهاية، أنصح أحبتي الحزبيين أن يكونوا على حذر من «العلمبرياليين»، «العلمبريالية» شر مستطير.