في آخر أيَّام الدراسة قبل الاختبارات النهائية، كنت على غير العادة متشوّقة ومتلهّفة على إجازة الصيف، ليس لأنني سطّرت أسماء أفلام حرمت من مشاهدتها؛ بسبب انشغالي بالاختبارات القصيرة ومنتصف العام والمشروعات التي كسرت قلبي وخلقت منّي إِنسانة ضعيفة القلب وتافهة تبكي كالنساء اللاتي دائماً ما تراهنّ مثيرات للشفقة. البكاء الذي كنت أراه وصمة عار في مسيرة المرأة القويّة كالرجال بجانب غنجها وأنوثتها الرقيقة.
وهكذا ما إن بدأت العطلة حتى انكببت على قراءة الروايات والتزوّد من أساليب أشهر الكتّاب أمثال الدكتور غازي القصيبي - رحمه الله - وباولو كويليو، وكادت أن تزهق روحي لولا أن بدأت الكتابة.
كل ذلك من أجل أن أحقق حلمي ككاتبة روائية، وأملك لنفسي مساحة شاغرة من صفحات الجرائد زاوية ولو كانت صغيرة أكتب لي فيها مقالة يعلو تلك السطور اسمي.
وانهمكت في الكتابة ليلاً ونهاراً فقط لأخرج عن إطار الروتين الذي أرغمت فيه المرأة على الوقوف في تلك اللوحة، لوحة لا تملك فيها سوى المطبخ، الأطفال وجلسة نساء يتسلين فيه على لحوم الغير.
كل ما كان يدور في عقلي أن أصبح فتاة تمتلك كياناً واسماً مرموقاً في المجتمع بجانب صورتي كممرضة.
وفي غمرة أحلامي المتشابكة وغرقي في طموحاتي التي باتت مربكة، صدمت بخبر رفض روايتي التي أرهقت أصابعي في كتابتها.
لا أخفي أنني شعرت بالأسى حيال نفسي، وفكرت أنني لو أنتشل نفسي من وهم من بحر طموحات لا قرار لها وأصبح فتاة مملة محبطة ومتشائمة تنفث سمّ الفشل في كلّ من يقصّ أمامها مشروعاته وأحلامه المستقبليّة.
لكنني حينما أرى نفسي من زاوية أخرى، أرى أنني لازلت في مقتبل العمر، حتّى وإن لم أكن كذلك ولو أنّه لم يتبقَّ لنا من العمر سوى سويعات، فما أدراك ؟ فما دمت تتنفس الصعداء فلا اليأس ولا الإحباط سيتراجعان من أجل نهوضك، فرفض الإحباط والفشل هو رفض للأفكار السلبية والأمراض لتعبث بحياتك وتفسد عليك متعة لحظتك.
فعلى الرغم من رفض دور النشر لروايتي التي تزيد صفحتين بأحداث مختلقة في كل مرة ترفض بها لأسباب تسويقيّة، ورفض بعض الصحف نشر مقالاتي فقط لأنني أريد لمقالتي الأولى أن تتنفس الصبح في أي صحيفة لأقرأها في ورق غير أوراقي؛ أكتب حتّى أشعر بالرضا حيال ما أنجزته.
فكل ما أودّ إيصاله، أنّ الفشل هو الجندي الخفي وراء نجاحك، فالإصرار وإن كان مرّاً لا يطاق إلا أن تبعيّته النجاح الذي ستتذوّق حلاوته.