تسير الأمور في البيوت معنا نحن الشباب في كثير من الأحيان وفق ما نريد ونشتهي، لا يحول بيننا وبين ذلك سوى الطلب، فقط الطلب!، حتى تلبى طلباتنا على أفضل وجوهها، ومقوماتنا في ذلك ليست سوى وجود أخت رحيبة الصدر.
ورحيبة الصدر فوق ذلك هي من أقل الكائنات البشرية على سطح الأرض إرهاقاً لكاهل الأخ، فلا يدور بخلدها أن تطلب شيئاً إلا بأسلوب رقيق لطيف خالي من الجدال والشحن، ينسحب مع أدنى تمتمة أو رفض وكأنه لم يكن.
وهذا بلا شك من جوانب العظمة في شخصيتها التي لا نتنبه إليها، بل وقد يأخذنا الفخر والزهو بأننا الأقوى والأجدر بالطاعة، ويغيب عنا بأنها لو قابلتنا بمثل ما نقابلها لعشنا في نكد لا ينقطع، ولتأففنا وتأوهنا في أكثر الأوقات.
الأخت.. ما أجدرها بأن تحمل على الأكتاف، وأن تقدم على الأصدقاء والأصحاب، وألا تقابل طلباتها برفض أو تلوي، وأن نتذكر أننا مهما قدمنا لها فلن نصل إلى فيض عطائها وسخائها، وأن الكثير مما نظنه حق لنا عليها لا يعدو كونه مما انطبعت عليه الأذهان من العادات والتقاليد، فلا أقل بعد ذلك من أن تحظى بالبشر ورحابة الصدر، وتُجنب كل ازدراء أو نزر أو استخفاف.
ومع ذلك لا يفوتني أن أنبِه إلى أن الحياة عطاء، وأن ما تبذله الأخت لأخيها ستلقى أصداءه بعطاء خير وأوفر مع الأخوة الكرام الأخيار الذين لا يضعفون قيمة ولا ينسون معروفا، وفوق ذلك فإن ما ينتظرها من بارئها سبحانه وتعالى خير وأجزل من كل عطاء.