سمر المقرن
رائع جداً، التصريح الذي خرج به وزير العدل الدكتور وليد الصمعاني، من أن عقوبة الأب الممتنع عن دفع نفقة الأولاد بعد الطلاق، هي نفس عقوبة المعنفين لأولادهم. بقي أشياء مهمة بعد هذا التعميم الذي تم توجيهه إلى كافة المحاكم هذا الأسبوع، وهي معرفة العقوبة التي تلحق بمن يقوم بتعنيف الطفل؟ حيث إنه إلى الآن لا يوجد عقوبة منصوصة نعرفها لمن يقوم بهذا الجرم!
وأسئلة أخرى هي: كيف يتم تحديد هذه النفقة؟ وعلى أي أساس يتم وضعها؟ هل هي بالنظر إلى احتياجات الطفل ومصاريفه؟ أم أنها مبلغ مقطوع لا يكفي احتياجات أي طفل لمدة أسبوع على الأكثر، إذا ما علمنا أن النفقة المقدرّة للطفل حسب المتعارف عليه لا تتجاوز 500 ريال، وفي أحوال نادرة فإن قيمة النفقة تصل إلى 1000 ريال. في حقيقة الأوضاع الاقتصادية فإن هذا المبلغ أقله وأكثره لا يُمكن أن يكفي احتياجات الطفل ومصاريفه. ولو نظرنا إلى تجارب الدول القريبة في هذا السياق نجد تجارب جيدة تستحق الاستنساخ لكونها تتفق معنا فيما أتى به مضمون الشريعة الإسلامية.
في الكويت مثلاً، يُلزم الأب بدفع نفقة للطفل وعليها مصاريف مسكنه عند والدته، وراتب السائق الذي يقوم على توصيله وإضافة على الراتب يدفع نفقته ومسكنه، في حال لم يكن لدى الأم رخصة قيادة. وكذلك راتب ونفقات العاملة المنزلية التي تقوم على خدمة طفله. هذا عدا مصاريف الطفل المدرسية والعلاج. هذه التجربة الرائعة في قانون الأحوال الشخصية الكويتي تستحق الاستنساخ والتطبيق لدينا.
أيضاً هناك نقطة مهمة في نفقة الأولاد، وهي الآلية، حيث إن كثيراً من الآباء لا يلتزمون بدفع النفقة أو عدم دفعها في وقتها وتأخيرها، لذا من الضروري النظر في وضع آلية تضمن دفع النفقة في وقتها، وهذه الآلية قد تكون بإلزام الأب على عمل تحويل شهري ثابت من راتبه عبر البنك.
لن أتحدث في نفقة المرأة المطلقة، فهذه أراها بالتراضي بين الطرفين، إنما نفقة الأولاد هي ما يجب أن تتم إعادة النظر فيها، وإيجاد آلية تبدأ من تحديد المبلغ الذي يحتاجه الطفل شهرياً مع ضمان أن يصل إليه في الوقت المحدد.
حقيقة يجب أن تُذكر في هذا الوارد، وهي أن محاكمنا قد تغيرت كثيراً فيما يخص الأحوال الشخصية، وهي في تقدم مستمر يستحق الشكر والإشادة، وما علينا هنا سوى التذكير بما يُمكن أن يجعل هذه الجهود المباركة متكاملة دون نقص أو خلل!