لاشك أن الأمن والعيش بطمأنينة ورخاء دون خوف في ظل التمسك بتعاليم الإسلام مطلب حيوي لا يستغني عنه إنسان ولا ذي روح من الكائنات، ولأهمية الأمن دعا به إبراهيم عليه السلام لمكة أفضل البقاع:
قال تعالى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ إبراهيم: 35. ولما للأمن من أثر في الحياة تعيّن على الأمة برمتها أن تتضامن في حراسته.
وهو مطلب الشعوب كافة بلا استثناء، ويشتد الأمر خاصة في المجتمعات المسلمة، التي إذا آمنت أمنت، وإذا أمنت نمت؛ فانبثق عنها أمن وإيمان، إذ لا أمن بلا إيمان، ولا نماء بلا ضمانات واقعية ضد ما يعكر الصفو في أجواء الحياة اليومية حقيقة يجب أن تعلمها جميعآ وهي أنّ نعمة الأمن أعظم من نعمة الرزق:
ولذلك قُدمت عليها في الآية الكريمة: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [البقرة/ 126].
فبدأ بالأمن قبل الرزق لسببين:
الأول: لأن استتباب الأمن سبب للرزق، فإذا شاع الأمن واستتبَّ ضرب الناس في الأرض، وهذا مما يدر عليهم رزق ربهم ويفتح أبوابه، ولا يكون ذلك إذا فُقد الأمن.
الثاني: ولأنه لا يطيب طعام ولا يُنتفع بنعمة رزق إذا فقد الأمن. فنعمة الأمن أعظم من نعمة الصحة. قال الرازي رحمه الله: «سئل بعض العلماء: الأمن أفضل أم الصحة؟ فقال: الأمن أفضل، والدليل عليه أن شاة لو انكسرت رجلها فإنها تصح بعد زمان، ثم إنها تقبل على الرعي والأكل. ولو أنها ربطت في موضع وربط بالقرب منها ذئب فإنها تمسك عن العلف ولا تتناوله إلى أن تموت، وذلك يدل على أن الضرر الحاصل من الخوف أشد من الضرر الحاصل من ألم الجَسَد»([1]).
ومما يدل على أهميته قول نبينا صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا» رواه الترمذي. يا لها من نعمة عظيمة يجب أن يعيها الجميع وأن تربى الأجيال على ذلك ولأهمية الأمن أكرم الله به أولياءه في دار كرامته؛ لأنه لو فُقد فُقد النعيم، قال رب العالمين: {ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ} (الحجر: 46
أنني في مقالي هذا أدعو إلى استشعار الأمن الذي نعيشه وأننا بنعمة أنعمها الله علينا فيجب الحمد والشكر على ما ننعم به حقيقة أن ما يحدث حولنا من أمور واضطراب في الدول يجعلنا نقف حامدين شاكرين على أنعم به علينا من نعم كثيرة هي الأمن والأمان وحكام هم فخرنا وعزنا وسندنا.. ليت شعري يستطيع أن يعبر عما يكنه ليت قلمي يستطيع أن ينثر كلماته عن الأمن في المملكة العربية السعودية فإنني أريد أن أكتب عن الشخصية الأولى الذي رفع رأية الأمن خفاقةً في سماء الوطن واستظلَّ بظلالها الوارفة مجتمع المملكة العربية السعودية، ومن كان في ضيافتهم وارتبط بهم بأيِّ رباطٍ من روابط الأخوة والصداقة والجوار والعلائق الإنسانية في مختلف صورها ومعانيها؛ الشخصية الأولى التي يعود الفضل بعد الله إليه هو الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه -؛ فقد ظهر نجمه في سماء الوطن وأضاء طالعه حياة الأمة، وكان طالع السعد والسعود متزامنا مع ظهوره وانتصاره حيث عادت للأمة بشخصيته الموهوبة وبحظه السعيد وحدتها وأمنها واستقرارها حيث جدد توحيدها، وكان عهده نقطة تحول في تاريخ الأمة الحديث؛ انتقلت من الفوضى الضاربة، ومن الضياع والتمزق والشتات، ومن الفقر والجهل والمرض والخوف إلى الأمن والاستقرار والنظام والوحدة والتوحيد والطمأنينة النفسية على مستوى الفرد وعلى مستوى المجتمع، وانتقل شعب المملكة العربية السعودية من طور الركود والانحطاط الفكري، والتخلف الحضاري إلى طور النهوض والتقدم والعلم والمعرفة، والتنمية الشاملة في كافة الميادين والأصعدة.
ومن بعده أبناؤه حتى الآن ونحن ننعم بالأمن في عهد سلمان السلام كما يحلو لي أن أسميها حفظه الله ورعاه وأيده ونصره..
نعم للمرء أن يتساءل عن الركيزة الأساس التي قام عليها هذا الصرح الشامخ (الوطن) وعن تلك المظلة التي تظله لينعم بالخير ويهنأ بالسعادة والراحة والرفاهية. إنها أسئلة كثيرة. يأتي الأمن جوابها الأول. أريد أن أنثر كلماتي عن ما نعيشه من أمن وأمان واستقرار في ظل حكومتنا الرشيدة التي مهما كتبنا لن نوفيها حقها وأريد أن ألفت النظر إلى أنه يجب أن نشعر الأجيال بتلك النعمة التى أنعمها الله على تلك البلاد، ولنزرع لديهم حب الوطن والمواطنة الحقة ولنوضح لهم مجد دولتهم وملوكهم وأنهم بذلوا من أجل بلادهم الكثير من أجل بنائه ورفعته لنحقق في نفوس الأجيال حب الانتماء للوطن، وذلك من أجل الدفاع عنه وعن أرضه حيث تظل المملكة العربية السعودية تاج فوق الرؤوس وأكرر دائماً (دمت يا وطني شامخاً).